لزم أنصار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر منازلهم الثلاثاء وأمضوا الوقت مع عائلاتهم في ما يشبه يوم الإجازة، تلبية لدعوته مقاطعة الانتخابات التشريعية في العراق.
في مدينة الصدر إحدى أبرز معاقل الزعيم الشيعي في العاصمة بغداد، انتشرت صوره على عدد كبير من الجدران، في ظلّ انتشار أمني كثيف على أحد مداخل المنطقة.
وعلى مقربة من أحد مراكز الاقتراع، قالت مجموعة من الرجال بصوت واحد “نحن مقاطعون بأمر من السيد” مقتدى الصدر، رجل الدين البالغ 52 عاما والذي يتمتّع بقاعدة شعبية واسعة قادر على حشدها بكاملها وقتما يُريد.
وقال حاتم كاظم (28 عاما) الذي أغلق متجره لإكسسوارات السيارات لقضاء اليوم مع عائلته إنه “بدافع الحبّ والطاعة (…) مقاطع للانتخابات بأمر السيد القائد”.
وأكّد لوكالة فرانس برس أنه قاطع التصويت “لكي نتمكّن من التغيير”، موضحا “ليست لدينا مدارس ولا مستشفيات ولا شيء. نريد أن نشهد تطوّرا كالذي تشهده باقي البلدان”.
ونشر الصدر، منذ إعلانه في آذار/مارس مقاطعة الترشيح والتصويت في الانتخابات التشريعية، عدة بيانات اتهم فيها الطبقة الحاكمة بما فيها الأحزاب الشيعية والفصائل المسلّحة، بالفساد.
وفي الأيام الماضية السابقة للانتخابات، نشر، بوتيرة شبه يومية، رسائل مقتضبة وجّهها إلى أنصاره كما خصومه، على غرار “المُجرَّب لا يُجرّب” و”ربّ فَلا تَجعَلنِي فِي القَومِ الفَاسِدِين”.
وأكّد في بيان نشره عقب إغلاق مراكز الاقتراع مساء الثلاثاء “على الرغم من أمرنا بالمقاطعة… إلا أننا لم نحاول عرقلة العملية الإنتخابية، فلسنا طلاب سلطة بل مشروع إنقاذ وطن”.
– “يوم العائلة وإجازة عن العمل” –
والاثنين، قال صالح محمّد العراقي المعروف بقربه من الصدر، عبر حسابه “وزير القائد”، إن الزعيم الشيعي دعا أنصاره إلى ملازمة منازلهم والتعامل مع يوم الاقتراع على أنه “يوم العائلة وإجازة عن العمل إلى ما بعد صلاة المغرب”.
وأضاف “لا تخرجوا من منازلكم قدر الإمكان إلّا للضرورة القصوى”.
مذّاك المنشور، انتشرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي ظهر فيها رجال يطبخون ويغسلون الصحون.
في أحد المقاطع، قال رجل يحضّر طبق الكبّة “إننا نحضّر الفطور والغذاء”.
وفي مقطع آخر، ارتسمت ابتسامة عريضة على وجه رجل يغسل الصحون ويقول “باعتبار أن السيد مقتدى قال إنه يوم للعائلة ويوم طاعة للّه عزّ وجلّ، فأنا مطيع للسيد القائد”.
وقال سائق الأجرة ضياء حسيب (45 عاما) إنه مقاطع للانتخابات “ليس فقط لأنني أتبع السيد، لكن أيضا لأننا لم نرَ تغييرا”.
وأوضح “الفقر ما زال نفسه ولا وظائف”.
وانتهت الانتخابات الأخيرة التي شهدت أدنى نسبة مشاركة (41%) في 2021، بفوز الصدر بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان (73 مقعدا)، لكنه انسحب منه جرّاء خلافات مع “الإطار التنسيقي” الذي يضمّ أحزابا شيعية موالية لإيران، حول تشكيل الحكومة. وأثارت الأزمة التي استمرت عدة أشهر أعمال عنف دامية.
وأعلن الصدر، الذي قاتل القوات الأميركية عقب غزو العام 2003، في عدة مناسبات أنه سينسحب من السياسة.
وجعل تاريخ عائلته منه محبوبا بين العراقيين، فهو ابن المرجع الديني آية الله محمّد صادق الصدر الذي اغتاله صدام حسين في العام 1999.
على الرغم من معارضته لعدة حكومات وداعميها، لطالما امتلك ممثلين له في أعلى مستويات الوزارات والمؤسسات الحكومية.
غير أن أنصاره يعتبرونه بطلا في مكافحة الفساد.
وقال عباس علي (21 عاما) وهو سائق مركبة توك توك “بلدنا فيه خيرات لكن الفساد منتشر (…) والشباب لا يجدون وظائف”.
وأشار إلى أنه “حرق بطاقته” الانتخابية تلبية لطلب الصدر.
وتابع “إذا قال السيد +موتوا+، نَموت. وإذا قال +عيشوا+، نَعيش”.
رح/كبج/خلص
Agence France-Presse ©






