أعلن الجيش الإسرائيلي الجمعة أنّه يستعد لضرب مدينة غزة “بقوة غير مسبوقة”، داعيا السكان إلى إخلاء المنطقة التي تعرّضت لقصف مكثّف منذ بدء هجومه البري فيها الثلاثاء.
وتعدّ مدينة غزة كبرى مدن القطاع وأكثرها اكتظاظا بالسكان لا سيما بعد أن تكدس فيها عدد كبير من النازحين بعد تدمير بلداتهم في الشمال. وكانت الأمم المتحدة قدّرت في آب/أغسطس عدد سكانها ومحيطها بأكثر من مليون نسمة.
والجمعة قال الجيش الإسرائيلي إن نحو 480 ألفا نزحوا منها خلال الأيام الأخيرة.
وقال المتحدث باللغة العربية باسم الجيش أفيخاي أدرعي في منشور على منصة إكس، إنّ الجيش “سيواصل العمل بقوة شديدة وغير مسبوقة ضد حماس وباقي المنظمات الارهابية”، مضيفا “من هذه اللحظة يتسنى الانتقال جنوبا عبر شارع الرشيد فقط حفاظا على سلامتكم”.
وأنذر من بقوا في المدينة الواقعة في شمال قطاع غزة، بالانضمام “إلى مئات الآلاف من سكان المدينة الذين انتقلوا جنوبا إلى المنطقة الإنسانية”.
وقالت أم محمد الحطاب لوكالة فرانس برس من مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة، “ليس لدينا مكان نذهب إليه … ما زلنا أنا وأبنائي نعيش في خيام في غرب المدينة بعدما قصف الاحتلال منزلنا”.
من جانبها، قالت ليلى عزام (34 عاما) التي تعيش مع أطفالها الثلاثة في تل الهوى جنوب مدينة غزة، “لست خائفة من الموت، أنا خائفة على أولادي”.
وأضافت “ليس لدينا خيمة حتى، نريد أن نكون آمنين، نريد وقف الحرب”.
في الأثناء، أفادت مستشفيات وطواقم الإسعاف والطوارئ بأنّ 33 فلسطينيا على الأقل قتلوا في الغارات والقصف الإسرائيلي المتواصل على القطاع غزة منذ منتصف ليل الخميس-الجمعة.
وتحول القيود المفروضة على وسائل الإعلام في غزة وصعوبة الوصول الى العديد من المناطق دون تمكّن فرانس برس من التحقّق بشكل مستقلّ من الأرقام والتفاصيل التي يعلنها الدفاع المدني أو الجيش الإسرائيلي.
– نزوح جماعي –
أفاد الدفاع المدني في غزة برصد إطلاق نار وضربات في مدينة غزة وخان يونس (جنوب).
والجمعة أشار الجيش الإسرائيلي إلى أن قواته تواصل “توسيع نطاق أنشطتها” في مدينة غزة، معلنا العثور على أسلحة و”القضاء على إرهابيين”.
في الأيام الأخيرة، بدأت إسرائيل تنفيذ عمليات قصف مكثّفة على مدينة غزة، ما أدى إلى نزوح مزيد من السكان باتجاه الغرب والجنوب.
والثلاثاء، أعلنت بدء الحملة البرية والجوية في غزة، في إطار هدفها المعلن للسيطرة الكاملة على المدينة التي تعتبرها آخر معاقل حركة حماس.
وأصبحت الطريق الساحلية على طول القطاع مكتظة بالنازحين نحو الجنوب، سيرا أو في سيارات أو على عربات تجرّها حمير، بحسب ما أفاد مراسلو فرانس برس.
فرّت نيفين أحمد البالغة 50 عاما الخميس من جنوب مدينة غزة إلى مدينة دير البلح الواقعة في وسط القطاع، مشيا مع سبعة أفراد من عائلتها، وقالت “لقد مشينا أكثر من 15 كيلومترا”.
وتابعت “ابني الأصغر بكى من التعب”، لافتة إلى تناوب العائلة على جر عربة محمّلة بعض الأغراض.
وأشارت منى عبد الكريم البالغة 36 عاما إلى أنها لم تجد وسيلة نقل إلى الجنوب وهي تفترش مع عائلتها منذ يومين الطريق في شارع الرشيد بانتظار سائق.
وقالت “لا يمكننا المشي”، مشيرة إلى أن والدي زوجها مسنّان ومريضان كما أن الأطفال ضعفاء.
وقال خالد المجدلاني “بصعوبات كبيرة، وجدنا أمس سبيلا للمغادرة باكرا هذا الصباح، قمنا بتحضير أغراضنا وانتظرنا لساعات طويلة، لكن السائق لم يأتِ ولم يعد يرد” على اتصالاتنا.
وتابع “علينا البحث عن حل آخر (…) وإلا فإننا سنموت”.
– تنديد –
وفيما أثار توسيع إسرائيل الهجوم على مدينة غزة تنديدا دوليا، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن أسفه للوضع “غير المقبول أخلاقيا وسياسيا وقانونيا” في القطاع.
من جانبها، حثّت باريس إسرائيل على “وضع حد لهذه الحملة المدمّرة”، بينما وصفتها لندن بأنّها “غير مسؤولة ومروّعة تماما”.
وجاء التصعيد الكبير في غزة الثلاثاء فيما اتهمت لجنة تحقيق دولية مستقلة مكلّفة من الأمم المتحدة في اليوم ذاته، إسرائيل بارتكاب “إبادة جماعية” خلال الحرب التي بدأت عقب هجوم حماس على الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وأسفر هجوم حماس عن مقتل 1219 شخصا، معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد لفرانس برس استنادا للأرقام الرسمية.
وأودت الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة بحياة ما لا يقل عن 65174 شخصا، معظمهم أيضا من المدنيين، وفقا لأرقام وزارة الصحة التابعة لحماس، والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
ومنذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس، نزح معظم سكان غزة البالغ عددهم الإجمالي 2,4 مليون نسمة، مرة واحدة على الأقل إلى أنحاء أخرى من القطاع.
في الضفة الغربية المحتلة، أعلن الجيش الإسرائيلي اعتقال خلية “إرهابية” يُشتبه في إطلاقها صاروخا في المنطقة.
مي-ميب/ناش-ود/ب ق
Agence France-Presse ©






