قال وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي الثلاثاء إن الخطة التي وضعها الجيش لنزع سلاح حزب الله تنص على إنجاز ذلك في المنطقة الحدودية مع إسرائيل في غضون ثلاثة أشهر، تطبيقا لقرار الحكومة بهذا الشأن.
وطلبت الحكومة اللبنانية في آب/أغسطس من الجيش إعداد خطة لتجريد الحزب من سلاحه وتطبيقها بحلول نهاية العام الحالي. وعرض قائد الجيش رودولف هيكل الخطة خلال جلسة لمجلس الوزراء في الخامس من أيلول/سبتمبر، انسحب منها الوزراء المحسوبون على حزب الله وحليفته حركة امل، لكن الخطة لا تتقيد بالمهلة الزمنية التي حدّدتها الحكومة.
وقال رجي في مقابلة مع وكالة فرانس برس إن الخطة التي عرضها الجيش تتألف من خمس مراحل لحصر السلاح بيد الأجهزة الرسمية، تمتدّ الأولى منها على “ثلاثة أشهر (…) وينتهي حصر السلاح نهائيا خلالها في منطقة جنوب الليطاني بالكامل”.
وأوضح رجي أن هذه المرحلة ينبغي أن تطبّق بحلول نهاية تشرين الثاني/نوفمبر 2025 ل”ينتهي حصر السلاح نهائيا، لا مخازن ولا سلاح ولا تنقّل للسلاح ولا مقاتلين، ولا مظاهر مسلحة” في المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني أي على بعد نحو 30 كلم من الحدود مع إسرائيل.
وأضاف أنه بالتوازي مع تطبيق المرحلة الأولى، تقضي خطة الجيش بأن تطبّق في كافة الأراضي “إجراءات أمنية” يقوم بموجبها الجيش “بتشديد الحواجز وتكثيفها، ومنع تنقل السلاح وحمل السلاح…لكن بدون اجراء مداهمات وتوقيف أشخاص وبدون مصادرة سلاح في المخازن، لكن على الاٌقل تنقّل السلاح من منطقة الى منطقة يصبح غير مسموح”.
وأوضح رجي أن المراحل الأربع التالية سوف تشمل المناطق اللبنانية الأخرى وصولا إلى بيروت والبقاع “لكن بدون مهل زمنية”.
وكانت المنطقة الحدودية معقلا لحزب الله الذي لم يخف حفره أنفاقا فيها لسلاحه ومقاتليه.
وفي حزيران/يونيو، أعلن رئيس الوزراء نواف سلام أن الجيش اللبناني فكّك منذ وقف إطلاق النار في تشرين الثاني/نوفمبر أكثر من 500 موقع ومخزن سلاح في المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني.
-إمكانات –
ورحّبت الحكومة اللبنانية الجمعة بالخطة، في حين أعلن وزير الإعلام أن الجيش “سيباشر بتنفيذها (…) وفق الإمكانات المتاحة التي هي إمكانات لوجستية ومادية وبشرية محدودة بالنهاية”.
وأوضح رجي الثلاثاء “قال لنا قائد الجيش إنه لا توجد إمكانات بشرية ومادية وتقنية حتى يتمكّن من أن يقوم بكل شيء خلال” المهلة التي حدّدتها الحكومة سابقا “بل هو بحاجة لوقت أطول”.
ووافقت الحكومة في آب/أغسطس كذلك على أهداف وردت في ورقة أميركية كان الموفد الأميركي توم باراك حملها الى المسؤولين في وقت سابق، وتشمل تفاصيل حول جدول وآلية نزع الترسانة العسكرية، وتنصّ كذلك على انسحاب إسرائيل من خمس نقاط احتفظت بها بعد انتهاء الحرب الأخيرة بينها وبين حزب الله.
واعتبرت الحكومة في بيانها الجمعة أن “الطرف الاسرائيلي لم يبد حتى الآن أي التزام” بمضمون الورقة الأميركية “ولم يتخذ خطوات مقابلة”، مقابل التزام لبنان. ورهنت أي تقدّم في تنفيذ ما ورد فيها “بالتزام الأطراف الأخرى وفي مقدمتها اسرائيل”.
وقال رجي إن ذلك لا يعني أن لبنان لم يعد ملزما بحصرية السلاح، موضحا أن “حصرية السلاح غير مرتبطة بورقة باراك بل مرتبطة بالدستور وباتفاق الطائف وبخطاب قسم (رئيس الجمهورية) وبالبيان الوزاري وبكل مواقف الحكومة”.
– “ضغط دبلوماسي” –
وتدرج الحكومة قرارها نزع السلاح في إطار الوفاء بالتزاماتها الواردة في اتفاق وقف اطلاق النار الذي أبرم بوساطة أميركية وفرنسية وأنهى الحرب بين حزب الله وإسرائيل في 27 تشرين الثاني/نوفمبر بعد قرابة السنة من مواجهة دامية، ونصّ على حصر حمل السلاح بالأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية الرسمية.
كما نصّ الاتفاق على وقفا العمليات الحربية بين إسرائيل وحزب الله وانسحاب إسرائيل من المواقع التي توغلت فيها خلال الحرب الأخيرة. إلا أن الدولة العبرية احتفظت بخمسة مواقع في جنوب لبنان، وتواصل تنفيذ غارات جوية شبه يومية على مناطق مختلفة في لبنان، مشيرة الى انها تستهدف مخازن أسلحة لحزب الله وقياديين فيه.
وقال رجي إن لبنان يطالب بان “تتوقف الاعتداءات ويتم الانسحاب الاسرائيلي” من الجنوب، مضيفا أن الدولة اللبنانية تمارس “ضغطا دبلوماسيا” من أجل دفع إسرائيل لتحقيق ذلك.
ويتهم حزب الله الحكومة بتنفيذ توجيهات اميركية وإسرائيلية حول نزع السلاح ويكرر رفضه نقاش مصير سلاحه.
وحتى الأمس القريب، شكّل حزب الله القوة السياسية والعسكرية الأكثر نفوذا في لبنان وحظي بدعم رئيسي من دمشق وطهران.
لكنّ الوضع تغيّر عند تشكيل السلطة الحالية في مطلع العام الحالي، على وقع تغير موازين القوى. فقد خرج الحزب ضعيفا من حربه الأخيرة مع اسرائيل، مع خسارته أبرز قادته وتدمير جزء كبير من ترسانته.
وكان حزب الله التنظيم العسكري الوحيد خارج القوى الشرعية الذي احتفظ بالسلاح بعد انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990)، بحجة “مواجهة اسرائيل”.
لو/رض
Agence France-Presse ©