بدأت السلطات اللبنانية الخميس تسلّم السلاح من المخيمات الفلسطينية في إطار تنفيذ المرحلة الأولى من خطة أقرها الجانبان قبل نحو ثلاثة أشهر، وسعي بيروت لحصر السلاح بيد الدولة، في خطوة رحّبت بها واشنطن.
وجاء الإعلان عن بدء تسليم سلاح المخيمات عقب تكليف الحكومة اللبنانية في الخامس من آب/أغسطس، الجيش وضع خطة لنزع سلاح حزب الله الذي تكبّد خسائر كبيرة في حربه الأخيرة مع اسرائيل، على أن يتم تطبيقها قبل نهاية العام.
وتسلّم الجيش اللبناني بعد ظهر الخميس عددا من الأسلحة من مخيّم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين الواقع في جنوب بيروت.
وشاهد مصوّر فرانس برس شاحنة محمّلة ذخائر وقذائف وضعت في أكياس نقلت من داخل المخيّم إلى موقف للسيارات في محيطه حيث انتشرت آليات وعناصر من الجيش اللبناني قاموا بفحص الحمولة.
وأعلن رئيس لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني السفير رامز دمشقية في بيان وزعته رئاسة الحكومة في وقت سابق بدء “المرحلة الأولى من مسار تسليم الأسلحة من داخل المخيمات الفلسطينية، انطلاقا من مخيم برج البراجنة في بيروت، حيث ستُسلَّم دفعة أولى من السلاح وتُوضع في عهدة الجيش اللبناني”.
وأوضح دمشقية المكلّف من الحكومة الملف الفلسطيني أن عملية التسليم ستشكّل “الخطوة الأولى”، على أن “تُستكمل بتسلّم دفعات أخرى في الأسابيع المقبلة في مخيم برج البراجنة وباقي المخيمات”.
وكان مسؤول أمن فلسطيني في مخيمات بيروت قال لفرانس برس من دون الكشف عن هويته في وقت سابق، “ستبدأ حركة فتح تسليم سلاحها في مخيم برج البراجنة في إطار التنسيق مع الجيش اللبناني”.
ورحّب المبعوث الأميركي توم باراك في منشور على إكس بهذه الخطوة. وكتب باراك “نهنئ الحكومة اللبنانية وفتح على اتفاقهما حول نزع السلاح طوعا من مخيمات بيروت”، معتبرا أنه “إنجاز عظيم جاء نتيجة الخطوة الجريئة التي اتخذها مؤخرا مجلس الوزراء اللبناني” و”خطوة تاريخية نحو الوحدة والاستقرار”.
ورحّب رئيس الوزراء نواف سلام في بيان ببدء عملية التسليم، مضيفا أنها سوف تستكمل عبر “دفعات أخرى في الأسابيع المقبلة” من مخيم برج البراجنة ومخيمات أخرى.
ويبدو أن خطوة التسليم تشمل حتى اللحظة حركة فتح فقط، ولا تحظى بإجماع بين كافة الفصائل الفلسطينية في المخيمات.
وقال مصدر أمني فلسطيني في مخيم برج البراجنة لفرانس برس إن “مبادرة حركة فتح ببدء تسليم السلاح شكلية، وجاءت بموجب اتفاق بين الرئيس جوزاف عون ونجل الرئيس الفلسطيني ياسر عباس الذي يزور بيروت حاليا”.
وأوضح أن هدفها “تشجيع بقية الفصائل على أن تخطو الخطوة ذاتها”، مشيرا الى أن “بقية الفصائل الفلسطينية التي تحظى بنفوذ في المخيم ومخيمات أخرى لم تقرر تسليم سلاحها بعد”.
– “تأخير” –
واتفق الجانبان اللبناني والفلسطيني في 23 أيار/مايو خلال زيارة للرئيس الفلسطيني محمود عباس الى بيروت، على “خطة تنفيذية لسحب السلاح من المخيمات”، وفق ما أفاد حينها مصدر حكومي لبناني فرانس برس.
وكان من المقرر أن يبدأ تنفيذ الخطة منتصف حزيران/يونيو في مخيمات بيروت على أن تليها المخيمات الأخرى.
والأسبوع الماضي، عزا الرئيس اللبناني جوزاف عون في مقابلة مع قناة العربية السعودية “تأخير” تطبيق الخطة الى “الاعتداءات الإسرائيلية على إيران”، و”بعض الاعتبارات الداخلية عند السلطة الفلسطينية”.
وقال مسؤول الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان صبحي أبو عرب في تصريحات للإعلام المحلي من محيط مخيم برج البراجنة الخميس “نحن مع أي قرار تصدره السلطة السياسية”، في إشارة إلى ما اتفق عليه الجانبان خلال زيارة عباس.
ولا تتحكّم السلطة الفلسطينية بقرار كافة الفصائل الفلسطينية المسلّحة في مخيمات لبنان، وعلى رأسها حركة حماس.
وقال عضو قيادة حركة فتح في منطقة بيروت بديع الهابط لفرانس برس إن ما يجري هو “تسليم السلاح غير الشرعي بحوزة أشخاص غير شرعيين”، موضحا أن “بعضه ثقيل وبعضه متوسط”.
وأضاف أن السلاح الفردي الذي بحوزة عناصر الامن الفلسطيني في مخيمات اللاجئين لا يشمله هذا التسليم.
– حصر السلاح –
وشكّل سلاح الفصائل الفلسطينية عنصرا أساسيا في اندلاع الحرب الأهلية في لبنان (1975 – 1990).
وبناء على اتفاق ضمني، تتولى الفصائل الفلسطينية مسؤولية الأمن داخل المخيمات التي يمتنع الجيش اللبناني عن دخولها.
ويعدّ مخيّم عين الحلوة قرب مدينة صيدا (جنوب)، أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ويؤوي مطلوبين لدى السلطات اللبنانية.
ويقيم في لبنان أكثر من 220 ألف فلسطيني غالبيتهم في مخيمات مكتظة وبظروف مزرية ويُمنعون من العمل في قطاعات عدة في البلاد.
وخلال الحرب الأخيرة مع اسرائيل التي استمرت لأكثر من عام، شاركت فصائل فلسطينية في إطلاق صواريخ من جنوب لبنان باتجاه اسرائيل، بينها حركة حماس. واستهدفت اسرائيل مرارا عناصر في تلك الفصائل بضربات شنتها على مناطق عدة في لبنان.
وانتهت الحرب بوقف إطلاق نار أبرم في تشرين الثاني/نوفمبر، نصّ على حصر السلاح بيد القوى الشرعية اللبنانية وانسحاب إسرائيل من نقاط توغلت إليها خلال النزاع. الا ان الدولة العبرية أبقت قواتها في خمسة مرتفعات استراتيجية، وتواصل شنّ ضربات بشكل شبه يومي.
ستر-لار-لو/ب ق
Agence France-Presse ©