اتهم الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم الحكومة الجمعة بـ”تسليم” لبنان إلى إسرائيل بقرارها تجريد حزبه من سلاحه، محذّرا من أن ذلك قد يؤدي إلى “حرب أهلية”، في تصريحات ندد بها رئيس الحكومة نواف سلام، مشددا على الرفض التام لما وصفه بـ”التهديد المبطّن”.
وحتى الأمس القريب، شكّل حزب الله القوة السياسية والعسكرية الأكثر نفوذا في لبنان وحظي بدعم دمشق وطهران.
لكنّ الوضع تغيّر عند تشكيل السلطة الحالية على وقع تغير موازين القوى. فقد خرج الحزب ضعيفا من حربه الأخيرة مع إسرائيل العام الماضي والتي استمرّت قرابة سنة وقتل فيها عدد كبير من قادته، ودمّر جزء كبير من ترسانته.
وكلّفت الحكومة في مطلع آب/أغسطس الجيش بإعداد خطة لتجريد الحزب من سلاحه بحلول نهاية العام الجاري، وذلك على وقع ضغوط أميركية، وتخوّف أن تنفّذ إسرائيل تهديدات بحملة عسكرية جديدة بعد أشهر من مواجهة بينها وبين الحزب الذي تلقى ضربات قاسية.
غير أنّ حزب الله الذي يعدّ التنظيم اللبناني الوحيد الذي احتفظ بأسلحته بعد انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990)، رفض هذا القرار.
– “تغوّل إسرائيلي” –
والجمعة، قال قاسم في كلمة متلفزة في ذكرى أربعين الإمام الحسين، إن دور الحكومة هو “تأمين الاستقرار، وإعمار لبنان” وليس “تسليم البلد إلى متغوّل إسرائيلي لا يشبع، ولا طاغية أميركي لا حدود لطمعه”.
وأتت تصريحات قاسم بعد يومين من لقائه الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني أثناء زيارته إلى بيروت.
وأضاف “لكن هذه الحكومة تنفذ الأمر الأميركي الإسرائيلي بإنهاء المقاومة، ولو أدى ذلك إلى حرب أهلية وفتنة داخلية”، معتبرا أن حكومة نواف سلام “اتخذت قرارا خطيرا جدا… وهي تعرّض البلد لأزمة كبيرة”.
وحمّل الحكومة “كامل المسؤولية لأي فتنة يمكن أن تحصل… وأي انفجار داخلي، وأي خراب للبنان”، محذّرا “لا تزجّوا الجيش في الفتنة الداخلية”.
وتابع قاسم “لن تسلّم المقاومة سلاحها والعدوان مستمر والاحتلال قائم وسنخوضها معركة كربلائية إذا لزم الأمر في مواجهة هذا المشروع الاسرائيلي الأميركي مهما كلفنا ونحن واثقون أننا سننتصر في هذه المعركة”.
من جانبه، سارع رئيس الحكومة نواف سلام إلى التنديد بـ”التهديد المبطن بالحرب الأهلية”، مؤكدا أنّ “التهديد والتلويح بها مرفوض تماما”.
وفي مقتطف من مقابلة أجراها مع صحيفة الشرق الأوسط نشره على حسابه في منصة إكس، حذّر سلام من “التصرفات اللامسؤولة التي تشجع على الفتنة”.
وأضاف أن “الحديث عن أن الحكومة اللبنانية تنفذ مشروعا أميركيا إسرائيليا هو حديث مردود … قراراتنا لبنانية صرف، تصنع في مجلس وزرائنا ولا أحد يمليها علينا”.
– حقّ في الاستقرار –
اعتمدت السلطات اللبنانية في الفترة الأخيرة موقفا أكثر حزما ضدّ حزب الله وطهران، إذ أبلغ الرئيس اللبناني جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام لاريجاني الأربعاء، رفضهما “أي تدخل” في شؤون لبنان الداخلية، وذلك في أعقاب انتقادات إيران لقرار نزع سلاح حزب الله.
وللمرّة الأولى في تاريخ العلاقات اللبنانية الإيرانية، يقول مسؤولون لبنانيون رسميون كلاما بهذه الدرجة من الصراحة والوضوح لمسؤول إيراني. وتعتبر إيران أبرز داعمي حزب الله، وهي التي تمدّه بالمال والسلاح منذ عقود.
وأدرجت الحكومة قرارها الذي وصفه خصوم الحزب بأنه “تاريخي”، في إطار تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل اليه بوساطة أميركية وأنهى الحرب بين حزب الله واسرائيل في 27 تشرين الثاني/نوفمبر. ونصّ القرار على حصر حمل السلاح بالأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية الرسمية.
وقال سلام في مقابلته مع صحيفة الشرق الأوسط، “من حق اللبنانيين اليوم أن ينعموا بالاستقرار…. بلا أمن وأمان واستقرار لا يستطيع البلد أن يقف على رجليه ولن تأتينا الاستثمارات أو أموال إعادة الإعمار… هذا لن يحصل إذا لم يشعر الناس بالأمن والأمان الذي يتطلب حصرية السلاح”.
وقدّر البنك الدولي تكلفة إعادة الإعمار بنحو 11 مليار دولار.
ورغم اتفاق وقف إطلاق النار، تواصل إسرائيل شنّ ضربات على مناطق مختلفة في لبنان، وتقول إنها تستهدف بنى تحتية لحزب الله ومستودعات أسلحة وقياديين ناشطين ضدّها. وتتوعد بتوسيع نطاق عملياتها العسكرية في لبنان ما لم تنجح السلطات في نزع سلاح الحزب.
إلى ذلك، قال قاسم إن الحزب وحليفته حركة أمل، ممثّلّي الشيعة في التركيبة السياسية اللبنانية القائمة على الحصص الطائفية، أرجآ الدعوة الى “تظاهرات” لإتاحة المجال أمام “النقاش” و”لإجراء تعديلات قبل أن نصل إلى المواجهة التي لا يريدها أحد”.
لكنه أضاف “إذا فُرضت علينا نحن لها، ونحن مستعدون لها، ولا خيار أمامنا”.
لك/ناش/ح س
Agence France-Presse ©