أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الثلاثاء أن بلاده “ستسمح” لسكان غزة الذين يريدون الفرار من الحرب المستمرة في القطاع بالمغادرة إلى الخارج، مع استعداد الجيش لتوسيع نطاق حملته.
وكانت دعوات سابقة لترحيل الغزيين إلى خارج القطاع بما فيها التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أثارت مخاوف في صفوف الفلسطينيين واستدعت إدانات دولية.
ودافع نتانياهو عن استراتيجيته الحربية في مقابلة نادرة مع وسيلة إعلامية إسرائيلية، بثّت بعيد إعلان مصر أن الوسطاء يعملون لإحياء هدنة الستين يوما في غزة.
وسئل نتانياهو خلال مقابلة بالعبرية مع قناة “آي24 نيوز” الدولية عن احتمال مغادرة سكان غزة إلى الخارج، فاجاب أن “هذا الأمر يحصل في كل النزاعات”، مضيفا “سنسمح بذلك، خلال المعارك وبعدها”.
أضاف “نمنحهم الفرصة لمغادرة مناطق القتال في المقام الأول، ومغادرة القطاع عموما، إذا رغبوا في ذلك”، مشيرا إلى مغادرة لاجئين خلال الحروب في سوريا وأوكرانيا وأفغانستان.
في قطاع غزة تفرض إسرائيل منذ سنوات تدابير صارمة على الحدود ومنعت كثرا من المغادرة.
وقال نتانياهو “سنسمح بذلك داخل غزة في المقام الأول خلال المعارك، وسنسمح لهم بالتأكيد بمغادرة غزة أيضا”.
وأضاف “نتحدث الى العديد من الدول التي يمكن أن تكون مضيفة، ولكن لا يمكنني أن أفصّل ذلك هنا. غير أن الأمر الطبيعي بالنسبة الى جميع من يتكلمون، جميع من يبدون قلقهم على الفلسطينيين ويريدون مساعدتهم، أن يفتحوا أبوابهم”.
وأي مسعى بالنسبة للفلسطينيين لإجبارهم على مغادرة أراضيهم سيُعيد إلى الأذهان ذكرى “النكبة” مع قيام دولة إسرائيل عام 1948.
وكان نتانياهو قد صرح في وقت سابق بأن حكومته تعمل على إيجاد دول ثالثة تستقبل سكان غزة وذلك عقب اقتراح ترامب بطردهم وتطوير القطاع كوجهة سياحية.
ودعا وزراء اليمين المتطرف في ائتلاف نتانياهو إلى رحيل “طوعي” لفلسطينيي غزة.
– محادثات في القاهرة –
تعتزم إسرائيل توسيع نطاق حملتها في القطاع والسيطرة على مدينة غزة، فيما جهود التوصّل إلى وقف لإطلاق النار في الحرب المستمرة منذ 22 شهرا في غزة متعثّرة منذ أسابيع، بعد انهيار الجولة الأخيرة من المفاوضات في تموز/يوليو.
وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال مؤتمر صحافي في القاهرة “نبذل جهدا كبيرا حاليا بالتعاون الكامل مع القطريين والأميركيين”، وأضاف أن “الهدف الرئيسي هو العودة الى المقترح الاول – وقف لإطلاق النار لستين يوما – مع الأفراج عن بعض الرهائن وبعض المعتقلين الفلسطينيين وإدخال المساعدات الإنسانية والطبية إلى غزة بدون عوائق وبدون شروط”.
وأفاد مصدران فلسطينيان وكالة فرانس برس بأن وفدا قياديا في حركة حماس بصدد التوجّه إلى القاهرة للقاء مسؤولين مصريين الأربعاء.
وقال أحد المصدرين الفلسطينيين لفرانس برس إن “الوسطاء بصدد بلورة مقترح جديد لاتفاق شامل لوقف النار”، وإنهم يناقشون “أفكارا بعضها حول هدنة لستين يوما، ثم مفاوضات لوقف إطلاق نار طويل الأمد، وصفقة تبادل كل الأسرى الإسرائيليين الأحياء والأموات دفعة واحدة”.
وقال نتانياهو في المقابلة إنه سيعارض الإفراج التدريجي عن الرهائن وإنه يريد “عودتهم جميعا في إطار وضع حد للحرب إنما بشروطنا”.
وتبذل مصر وقطر والولايات المتحدة جهود وساطة بين إسرائيل وحركة حماس، لكنها لم تثمر أي اختراق منذ الهدنة القصيرة التي تم التوصل إليها في وقت سابق من العام الحالي.
يأتي ذلك في حين قال الدفاع المدني في قطاع غزة إن إسرائيل “تكثّف لليوم الثالث على التوالي الغارات على منطقتي الزيتون والصبرة” في مدينة غزة، بعد قرار الحكومة توسيع نطاق الأعمال العسكرية بهدف السيطرة على المنطقة.
– ضربات مكثفة –
لم تعلن حكومة بنيامين نتانياهو جدولا زمنيا محددا لخطتها المعلنة للسيطرة على مدينة غزة، لكن المتحدث باسم الدفاع المدني في القطاع محمود بصل قال لفرانس برس إن الوضع “خطير جدا”، مشيرا الى أن الجيش الإسرائيلي استخدم “قنابل شديدة الانفجار أدى بعضها إلى تدمير خمسة منازل دفعة واحدة.
وأعلن بصل مقتل 33 شخصا على الأقل الثلاثاء بضربات إسرائيلية في القطاع، بما في ذلك في مدينة غزة.
وقال ماجد الحصري، وهو من سكان حي الزيتون، “القصف عنيف جدا منذ يومين. في كل ضربة، الأرض تتزلزل. هناك شهداء تحت الأنقاض لا أحد يصل إليهم لأن القصف لا يتوقف”.
قُتل الأحد فريق من صحافيي قناة الجزيرة القطرية، أحدهم مراسلها أنس الشريف، في غارة جوية إسرائيلية خارج مستشفى الشفاء في مدينة غزة.
واتّهم الجيش الإسرائيلي الشريف بقيادة “خلية إرهابية” لحركة حماس وبأنه “كان مسؤولا عن هجمات صاروخية على المدنيين الاسرائيليين وقوات الجيش”.
تواجه الدولة العبرية انتقادات متزايدة لحربها في غزة والتي أشعل فتيلها هجوم غير مسبوق لحماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
ويحذّر خبراء مدعومون من الأمم المتحدة من مجاعة واسعة النطاق في القطاع المحاصر حيث تفرض إسرائيل قيودا على كمية المساعدات الإنسانية المسموح بدخولها.
ويواجه نتانياهو ضغوطا متزايدة لضمان الإفراج عن الرهائن. ومن بين 251 رهينة تم احتجازهم خلال هجوم العام 2023، لا يزال 49 في غزة، 27 منهم يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.
وأسفر هجوم حماس عن مقتل 1219 شخصا في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، وفقا تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات رسمية.
وأسفرت الهجمات والعمليات العسكرية الإسرائيلية منذ بدء الحرب في غزة عن مقتل 61599 شخصا على الأقل، غالبيتهم من المدنيين، بحسب وزارة الصحة التي تديرها حماس في قطاع غزة، وهي أرقام تعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.
دس/ود/ب ق
Agence France-Presse ©