اتهمت لجنة تحقيق دولية مستقلة مكلفة من الأمم المتحدة للمرة الأولى الثلاثاء إسرائيل بارتكاب “إبادة جماعية” في قطاع غزة منذ بدء الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، بهدف “القضاء” على الفلسطينيين، محملة رئيس الوزراء ومسؤولين إسرائيليين آخرين المسؤولية.
وخلصت اللجنة التي لا تتحدث باسم الأمم المتحدة إلى أن “إبادة جماعية تحدث في غزة وتتواصل” في هذا القطاع الفلسطيني، على ما أفادت رئيسة اللجنة نافي بيلاي وكالة فرانس برس.
وفي معرض تقديمها للتقرير الجديد، أضافت بيلاي أن “المسؤولية تتحملها دولة إسرائيل”.
وهي المرة الأولى التي تتهم فيها لجنة تحقيق مكلفة من الأمم المتحدة إسرائيل بارتكاب “إبادة”.
وقالت بيلاي إن التقرير يجب أن “يدفع كبار المسؤولين في الأمم المتحدة” إلى أن يحذوا حذوه.
وبعد نشر التقرير، قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك إنه يرى “أدلة متزايدة” على حصول “إبادة” في غزة.
وعلى الفور، أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن “إسرائيل ترفض رفضا قاطعا هذا التقرير المنحاز والخاطئ وتدعو إلى حلّ لجنة التحقيق هذه فورا”.
وأتى تفويض لجنة التحقيق هذه من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
ورفض كريس سيدوتي أحد المفوضين الثلاثة الذين عملوا على التقرير خلال مؤتمر صحافي الرد الإسرائيلي معتبرا أنه يبدو وكأن مصدره “تشات جي بي تي” ومؤكدا “يقولون دائما الأمر نفسه” ولا يقدمون “أي أدلة”.
وخلصت لجنة التحقيق إلى أن السلطات وقوات الأمن الإسرائيلية ارتكبت “أربعة من الأفعال الخمسة” التي تؤشر إلى وقوع إبادة كما حددتها اتفاقية الامم المتحدة بشأن منع الابادة الجماعية والمعاقبة عليها الموقعة في 1948.
وتصف هذه الاتفاقية الإبادة الجماعية على أنها تشمل الأفعال المرتكبة “على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية”.
وهذه الأفعال هي “قتل أعضاء من الجماعة” أو “إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة” أو “إخضاع الجماعة، عمدا، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا” أو “فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة”.
– “خانت الشعب الإسرائيلي” –
كذلك، خلصت اللجنة إلى “أن الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ ورئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت حرضوا على ارتكاب إبادة جماعية، وإن السلطات الإسرائيلية لم تتخذ أي إجراء” لثنيهم عن ذلك.
وقال سيدوتي “الحكومة خانت الشعب الإسرائيلي … وتواصل منذ سنتين حرب الإبادة هذه”.
وأكد أن “نتانياهو وشركاءه استغلوا الصدمة” التي خلفها هجوم حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 في جنوب الدولة العبرية.
قبل حوالى عامين اندلعت الحرب في غزة إثر هذا الهجوم غير المسبوق الذي قضى فيه 1219 شخصا في إسرائيل غالبيتهم من المدنيين، بحسب تعداد لفرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية.
ومنذ ذلك الحين، توعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بالقضاء على الحركة الفلسطينية التي تتولى السلطة في غزة منذ 2007.
وأدت الحملة الإسرائيلية العنيفة ردا على الهجوم إلى مقتل نحو 65 ألف شخص في قطاع غزة غالبيتهم من المدنيين بحسب أرقام وزارة الصحة في حكومة حماس والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
وقالت بيلاي التي شغلت منصب رئيسة المحكمة الجنائية الدولية لرواندا وقاضية في المحكمة الجنائية الدولية، في بيان “من الواضح أن هناك نية للقضاء على الفلسطينيين في غزة من خلال أعمال تستوفي المعايير المنصوص عليها في اتفاقية الإبادة الجماعية”.
وأضافت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان سابقا والجنوب إفريقية (83 عاما) أن كبار القادة الإسرائيليين “حرضوا على ارتكاب إبادة جماعية”.
– “تواطؤ” –
ومع أن اللجنة ليست هيئة قضائية، إلا أن من شأن تقاريرها زيادة الضغط الدبلوماسي واتاحة جمع الأدلة التي يمكن للمحاكم استخدامها.
وقالت بيلاي لوكالة فرانس برس إن اللجنة أبرمت اتفاق تعاون مع المحكمة الجنائية الدولية سمح “بتبادل آلاف المعلومات” موضحة أن اللجنة ملزمة تشارك معلومات مع الهيئات القضائية أكانت وطنية أو دولية.
ودعت الدول الأعضاء إلى “التحرك الآن” مؤكدة أن “من غير الضروري انتظار أن تعلن محكمة العدل الدولية حصول إبادة”.
وأضافت “عندما تظهر علامات وأدلة واضحة على إبادة جماعية، فإن عدم التحرك لوضع حد لها يُعد تواطؤا”.
منذ بداية الحرب، اتُهمت إسرائيل مرات عدة بارتكاب إبادة جماعية في غزة اطلقتها منظمات غير حكومية مختلفة وخبراء أمميون مستقلون، وحتى أمام المحاكم الدولية، بمبادرة من جنوب أفريقيا.
ولطالما رفضت السلطات الإسرائيلية هذه الاتهامات.
في كانون الثاني/يناير 2024، أمرت محكمة العدل الدولية ومقرها في لاهاي، إسرائيل بمنع أعمال تعد إبادة جماعية.
وبعد أربعة أشهر على ذلك ، طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرتَي توقيف في حق نتانياهو وغالانت، المشتبه في ارتكابهما جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.
ابو/ريم-غ ر/ص ك
Agence France-Presse ©