وفقًا للجنة الانضباط المهنية لكرة القدم (PFDK)، تم التحقيق مع ما مجموعه 152 حكمًا بسبب تورطهم في أنشطة المراهنة، وتم إيقاف 149 منهم عن العمل لفترات تتراوح بين ثمانية إلى اثني عشر شهرًا.
ولا يزال ثلاثة حكام – من بينهم حكم الدوري التركي الممتاز زورباي كوتشوك – قيد التحقيق، إذ ينكرون ارتكاب أي مخالفات ويدّعون أنهم ضحايا لانتحال الهوية.
أكد رئيس الاتحاد التركي لكرة القدم (TFF) إبراهيم حاجي عثمان أوغلو أن الإجراءات التأديبية تم اتخاذها بموجب المادة 57 من لائحة الاتحاد، التي تحظر أي تورط في المراهنات من قبل المسؤولين. وتشكل هذه العقوبات لحظة حاسمة في حملة الاتحاد ضد سوء السلوك، إذ صرّح حاجي عثمان أوغلو قائلًا: «أولئك الذين يلطخون شرف التحكيم لن يخدموا كرة القدم التركية مرة أخرى أبدًا».
نطاق التحقيق
كشفت التحقيقات عن أرقام صادمة؛ فمن بين 571 حكمًا نشطًا، تبيّن أن 371 منهم يمتلكون حسابات مراهنة، وأن 152 شاركوا فعليًا في المراهنات — من بينهم سبعة حكام من الدرجة الممتازة و15 حكمًا مساعدًا.
تأتي هذه الإجراءات التأديبية بالتوازي مع تحقيق جنائي يجريه مكتب المدعي العام في إسطنبول بالتعاون مع وحدة التحقيق في الجرائم المالية (MASAK) وشرطة إسطنبول.
كما تراجع السلطات ملفات 3,700 لاعب كرة قدم محترف لاحتمال ارتباطهم بعمليات مراهنة غير قانونية، بموجب القانون رقم 6222 المتعلق بجرائم الفساد والعنف في الرياضة.
الأسماء والعقوبات البارزة
من بين أبرز المسؤولين الذين تم معاقبتهم:
-
إيجيمن أرتون – إيقاف لمدة عشرة أشهر
-
محمد علي أوزر، محمد سليم أوزبك، سيف الدين ألبير يلماز، ويونس دورسون – إيقاف لمدة ثمانية أشهر لكل منهم
-
ميليه كورت، ميرتجان توبي، وزورباي كوتشوك – لا تزال التحقيقات جارية بحقهم
وبحسب لوائح الاتحاد التركي، فإن أي حكم يتلقى عقوبة مؤكدة تتجاوز 90 يومًا يفقد تلقائيًا رخصته، مما يعني نهاية مسيرته التحكيمية.
التداعيات القانونية والدولية
يشير خبراء القانون الرياضي إلى أن ثبوت تلاعب الحكام بالنتائج قد يؤدي إلى ملاحقات جنائية وعقوبات أشد صرامة، إذ قد يواجهون أحكامًا بالسجن تصل إلى أربع سنوات ونصف.
ورغم أن الاتحادين الأوروبي (UEFA) والدولي (FIFA) لم يتدخلا بعد، إلا أنهما يتابعان التطورات عن كثب وقد يفرضان عقوبات إذا فشل الاتحاد التركي في اتخاذ إجراءات حازمة.
وأكد الاتحاد التركي أنه لن يستعين بحكام أجانب، مشيرًا إلى أن هناك عددًا كافيًا من الحكام المحليين المؤهلين لضمان استمرار المباريات دون انقطاع.
التأثير على كرة القدم التركية
يتفق المحللون القانونيون على أن هذه الفضيحة لن تؤثر على نتائج المباريات التي تم اعتمادها سابقًا، لكنها قد تغيّر جذريًا طريقة إدارة الشفافية، وتوظيف الحكام، ومراقبة أنشطة المراهنة في كرة القدم التركية.
وتتزايد الدعوات الشعبية للمساءلة، مع مطالبة الجماهير بضمان نزاهة البطولات المحلية وخلوها من الفساد.
ردود الفعل الإقليمية وتعليقات الصناعة
من إسطنبول إلى بغداد، أعادت الفضيحة إشعال النقاش الإقليمي حول أخلاقيات الرياضة ومساءلة الحكام وشفافية المراهنات.
ويرى مراقبون في قطاع الرياضة أن أزمة تركيا قد تشكل لحظة فاصلة في كيفية إدارة نزاهة كرة القدم في الشرق الأوسط.
وأشار محللون من موقع رهانات العراق إلى أن ما كشفته تركيا يسلّط الضوء على الحاجة الملحة إلى أنظمة نزاهة عابرة للحدود وأدوات مراقبة آنية لاكتشاف الأنشطة غير المنتظمة في المراهنات.
كما لفتت هذه القضية انتباه الإداريين الرياضيين وخبراء الامتثال الذين يرون فيها فرصة لتوحيد بروتوكولات النزاهة بين الاتحادات الوطنية. وإذا جرى التعامل مع الأزمة بفعالية، فقد تمهد تجربة تركيا الطريق نحو بيئة رياضية أكثر شفافية ومصداقية في المنطقة.
نقطة تحول في حوكمة كرة القدم التركية
قد يشكّل الإيقاف الجماعي للحكام بداية لإصلاح شامل في منظومة الانضباط والرقابة داخل كرة القدم التركية. ومن المتوقع أن يعزز الاتحاد التركي مراقبته لأنشطة المراهنة، ويشدد إجراءات التحقق من النزاهة، وربما يتعاون بشكل أوسع مع الهيئات المالية مثل MASAK لاكتشاف أنماط المراهنة المشبوهة مبكرًا.
ويرى المحللون أن هذه الفضيحة قد تسرّع جهود رقمنة وإضفاء الطابع المهني على نظام الإشراف على الحكام، بما في ذلك اعتماد التحقق البيومتري من الهوية ودمج قوائم الحظر الخاصة بالمراهنة.
وقد يواجه الاتحاد أيضًا ضغوطًا لاعتماد معايير شفافية مشابهة لتلك التي تفرضها UEFA وFIFA، لضمان أن تكون الإجراءات التأديبية مستقلة وعلنية.
وعلى نطاق أوسع، تشكل هذه القضية دعوة استيقاظ للجهات التنظيمية الرياضية في الشرق الأوسط، إذ تؤكد ضرورة تبني أطر امتثال فعالة للمراهنات وحماية المبلغين عن المخالفات. ومع استمرار التحقيقات، قد تعتمد مصداقية مؤسسات كرة القدم في المنطقة على سرعة وشفافية استجابتها.





