أبلغت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الوسطاء المصريين والقطريين الاثنين موافقتها على مقترح جديد سلّموها إياه في القاهرة بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة مدة 60 يوما وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين على دفعتين.
وأعلنت الحركة في بيان عبر تلغرام الاثنين أن “حركة حماس والفصائل الفلسطينية أبلغت موافقتها على المقترح الذي قدم لها بالأمس من الوسيطين المصري والقطري”.
وأكد المسؤول في حركة حماس باسم نعيم، عبر فيسبوك أن الحركة “سلمت ردها بالموافقة على مقترح الوسطاء الجديد” مضيفا “ندعو الله أن يطفئ نار هذه الحرب على شعبنا”.
ولم تعلق إسرائيل على موافقة حماس حتى الآن.
وعلى مدى أكثر من 22 شهرا، لم تثمر جهود الوسطاء في تحقيق وقف دائم لإطلاق النار في الحرب التي اندلعت عقب هجوم حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023. وقد قتل الاثنين 20 فلسطينيا في عمليات قصف إسرائيلية.
وفي القاهرة، أكد رئيس هيئة الاستعلامات المصرية ضياء رشوان لقناة “القاهرة الإخبارية” أن حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى “ردت على المقترح من دون أي تحفظات” مؤكدا أن الكرة أصبحت الآن “في ملعب” الدولة العبرية.
وقال مصدر فلسطيني مطلع على المفاوضات لوكالة فرانس برس إن أن الوسطاء قدّموا لحماس والفصائل الفلسطينية “ضمانات… بتنفيذ الاتفاق، مع التعهد باستئناف المفاوضات لبحث حل دائم”.
وأتى المقترح الجديد بعد إقرار المجلس الأمني في الدولة العبرية خطة للسيطرة على مدينة غزة في شمال القطاع، ووسط تحذيرات دولية من انتشار الجوع في القطاع المدمّر والمحاصر وبلوغه حافة المجاعة.
– “ضغوط قصوى” –
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في بيان نشرته أجهزته عصر الاثنين “بحثت مع وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان في خططنا لمدينة غزة وإنجاز مهماتنا” مضيفا “حماس تخضع لضغوط قصوى” من دون إشارة صريحة إلى المفاوضات الجارية.
وكان نتانياهو حذر الأسبوع الماضي من أنه لن يقبل إلا باتفاق “يفرج في إطاره عن كل الرهائن دفعة واحدة وبحسب شروطنا لإنهاء الحرب” في غزة.
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاثنين على منصة تروث سوشال “الرهائن الباقون سيعودون فقط حين تتم مواجهة حماس وتدميرها… كلما حصل ذلك بشكل مبكر، كلما كانت فرص النجاح أفضل”.
ولا يزال 49 شخصا محتجزين كرهائن في قطاع غزة بينهم 27 قتيلا بحسب الجيش الإسرائيلي. وكانت حماس اقتادت 251 شخصا رهائن إلى قطاع غزة خلال هجومها على إسرائيل وقد افرج عن غالبيتهم على دفعتين.
وكان مسؤول فلسطيني أفاد فرانس برس في وقت سابق بأن العرض الجديد “يستند إلى مقترح (المبعوث الأميركي ستيف) ويتكوف الأخير الذي ينص على هدنة لستين يوما وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين على دفعتين”.
وأوضح أنه “اتفاق إطار لإطلاق مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين (إسرائيل وحماس) حول وقف دائم لإطلاق النار”.
وأكد مصدر في حركة الجهاد الإسلامي لفرانس برس أن المبادرة تشمل “وقف إطلاق نار موقتا لـ60 يوما يتم خلالها إطلاق سراح عشرة إسرائيليين أحياء، وتسليم عدد من الجثث (لرهائن متوفين)، على أن تكون هناك مفاوضات فورية لصفقة أشمل، بما يضمن التوصل إلى اتفاق بشأن اليوم التالي لانتهاء الحرب والعدوان في قطاع غزة بوجود ضمانات”.
وشدد على أن وفود الفصائل في القاهرة تسعى “للتوصل لوقف إطلاق النار في غزة وفقا لما طرحه الوسطاء لمنع تنفيذ خطة احتلال قطاع غزة ومنع تهجير مواطني القطاع”، وأن حركة الجهاد “تتعاطى بإيجابية ومرونة كبيرة مع المبادرة (…) بما يضمن التخفيف من المعاناة الإنسانية لشعبنا”.
من جانبها، أكدت حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، دعمها للمقترح المصري.
– “يتخطى كل ما يمكن تصوره” –
واستقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الوزراء القطري محمد عبد الرحمن آل ثاني وتم تأكيد أهمية “التوصل إلى اتفاق يضمن الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، ويتيح إدخال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل ودون عوائق، إلى جانب الإفراج عن الرهائن والأسرى”.
وشدد الجانبان على “الرفض القاطع لإعادة الاحتلال العسكري للقطاع ولأية محاولات لتهجير الفلسطينيين”.
وزار وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ورئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى معبر رفح الحدودي مع غزة حيث أعرب عن استعداد بلاده للمشاركة في قوة دولية قد يتم نشرها في غزة بقرار من مجلس الأمن الدولي.
وقال عبد العاطي “نحن متأهبون للمساعدة بالطبع. للمساهمة في أي قوة دولية مشتركة يتم نشرها في غزة وفقا لمعايير محددة”، موضحا أن تلك المعايير تشمل “أولا، قرارا من مجلس الأمن بمهمة واضحة، وأن يأتي ذلك، بطبيعة الحال، في إطار أفق سياسي”.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قال في وقت سابق من الشهر الحالي، إن الدولة العبرية لا تسعى الى “احتلال غزة، بل إقامة إدارة مدنية في القطاع غير مرتبطة بحماس ولا بالسلطة الفلسطينية”.
وقال لمحطة فوكس نيوز الأميركية “نريد تسليم السلطة لقوات عربية تحكم غزة بكفاءة من دون أن تهددنا، ومع توفير حياة جيدة لسكان غزة”.
وعند معبر رفح، تنتظر مئات الشاحنات المحملة مساعدات في الصحراء المصرية منذ أيام وفق منظمات إنسانية في المكان وسائقين.
وسمحت إسرائيل لشاحنات قليلة بالدخول إلى غزة فيما يبقى نقل المنتجات الحيوية بطيئا جدا بسبب القيود بحسب هذه المصادر.
وقال مسؤولون في الأمم المتحدة وسائقون إن إسرائيل منعت على سبيل المثال دخول معدات طبية حيوية وقطع غيار لمنشآت المياه “لأنها ذات استخدام مزدوج” على ما أكدت، أي قد تستخدم لأغراض عسكرية.
– “سياسة تجويع متعمدة” –
وعلى الأرض، أعلن الدفاع المدني الاثنين مقتل 20 شخصا بنيران إسرائيلية في أنحاء متفرقة.
وأفاد شهود عيان بتواصل القصف الإسرائيلي على حي الزيتون في مدينة غزة. وتمركزت قافلة تضم حوالى عشر دبابات إسرائيلية نع جرافات قرب مدرسة في حي الصبرا بحسب الشهود.
في غضون ذلك، اتهمت منظمة العفو الدولية في تقرير الإثنين إسرائيل باتّباع سياسة تجويع “متعمّدة” في غزة، فيما تحذر الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية من أن القطاع الفلسطيني بات على شفير مجاعة.
وتتزايد الانتقادات الدولية أمام معاناة سكان غزة جراء نقص الماء والطعام والوقود، إذ تحذر الأمم المتحدة من انتشار سوء التغذية وخطر المجاعة الواسعة النطاق.
ولطالما رفضت إسرائيل هذه الاتهامات.
اندلعت الحرب في القطاع إثر هجوم غير مسبوق لحماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 على جنوب إسرائيل، أسفر عن مقتل 1219 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات رسمية.
وأسفرت الهجمات والعمليات العسكرية الإسرائيلية منذ بدء الحرب عن مقتل 62004 أشخاص على الأقل، غالبيتهم من المدنيين، بحسب وزارة الصحة التي تديرها حماس في قطاع غزة، وهي أرقام تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
معف-ع ز/ها-/لم/كام/غ ر
Agence France-Presse ©