يرزح جنوب أوروبا تحت وطأة موجة حرّ ضربته في نهاية الأسبوع المنصرم لا نهاية قريبة لها في الأفق، مع درجات قياسية في إسبانيا والبرتغال و”ملاجئ مناخية” في إيطاليا وحرارة “لم يشهد مثيل” لنطاقها الجغرافي في فرنسا.
وأفادت الوكالة الوطنية الإسبانية للأرصاد الجوية الإثنين بأن الحرارة بلغت 46 درجة مئوية السبت في ولبة بجنوب إسبانيا بالقرب من الحدود مع البرتغال، وهي درجة قياسية لحزيران/يونيو، مشيرة إلى أن آخر رقم قياسي تمّ تسجيله لهذا الشهر يعود إلى العام 1965 في إشبيلية، عندما بلغت الحرارة 45,2 درجة مئوية.
وأعلنت الوكالة أيضا أن “الأحد كان يوم 29 حزيران/يونيو الأكثر حرّا في إسبانيا برمّتها منذ العام 1950 على الأقلّ”.
وهي أصدرت الإثنين إنذارا من “حرارة قياسية” ولكن أيضا من عواصف وزوابع رعدية كتلك التي ضربت البرتغال الأحد. ومن المرتقب أن تتخطّى الحرارة 40 درجة مئوية في كلّ من إسبانيا والبرتغال، وخصوصا في المناطق الحدودية بين البلدين.
وفي البرتغال، تخطّت الحرارة الأحد 46,6 درجة مئوية في مورا على بعد حوالى مئة كيلومتر من شرق لشبونة. وبحسب الإعلام المحلّي، فإنها أيضا حرارة قياسية لشهر حزيران/يونيو، في حين يعود الرقم القياسي السابق أيضا إلى العام 1965.
– حرائق حرجية وضربات شمس –
وفي إيطاليا، وضعت وزارة الصحة 17 مدينة في حالة إنذار أحمر، بينها روما وفلورنسا وفيرونا.
وقال الخبير أنتونيو سبانو مؤسس الموقع المتخصص “ilmeteo.it” إن “إيطاليا تشهد إحدى أقوى موجات الحرّ صيفا” وهي تتميّز أيضا بمدّتها الطويلة بشكل خاص.
وفيما يعمل عناصر الإطفاء على إخماد حرائق حرجية في عدّة مناطق، أفادت وسائل الإعلام الإيطالية عن وفاة امرأة في السابعة والسبعين الأحد إثر اختناقها بسبب الدخان المتصاعد من حريق بالقرب من منزلها في بوتينتسا في جنوب البلد.
وفي البرتغال أيضا، خطر الحرائق في أعلى مستوياته في المناطق الحرجية كلّها تقريبا. ويعمل عناصر الإطفاء على إخماد حريق شبّ الأحد بالقرب من كاستيلو برانكو (الوسط).
وفي إسبانيا، بعد مقتل شخصين يعملان في مجال صيانة الطرقات السبت وامرأة في برشلونة (شمال شرق) ورجل في قرطبة (جنوب) على الأرجح من جرّاء ضربة شمس، دعت النقابات الشركات إلى “اعتماد تدابير وقائية لتفادي ارتدادات درجات الحرارة العالية على صحة العمّال، لا سيّما هؤلاء الذين يزاولون أنشطتهم في الخارج”.
– إنكلترا أيضا –
يحذّر خبراء من أن موجات الحرّ تشتدّ بفعل تغيّر المناخ، وستزداد تواترا وتبدأ في فترات أبكر من الصيف وتستمرّ لوقت أطول.
سجل البحر الأبيض المتوسط الأحد أعلى حرارة سطحية على الإطلاق خلال شهر حزيران/يونيو، بمتوسط 26,01 درجة مئوية، بحسب بيانات جمعها برنامج كوبرنيكوس الأوروبي وحللتها هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية.
وقال تيبو غينالدو، الباحث في مركز دراسات الأرصاد الجوية عبر الأقمار الاصطناعية في لانيون (كوت دارمور) لوكالة فرانس برس “لم نسجّل من قبل درجة حرارة يومية بهذا الارتفاع في شهر حزيران/يونيو، محسوبة على كامل حوض البحر الأبيض المتوسط”.
وأضاف أن متوسط درجة حرارة البحر الأبيض المتوسط حاليا أعلى بثلاث درجات من الأرقام الموسمية المسجلة في الفترة بين 1991-2020، فيما يتجاوز ذلك أربع درجات حول السواحل الفرنسية والإسبانية.
وفي فرنسا، تؤثّر موجة الحرّ على العام الدراسي الذي دخل أسبوعه الأخير. وفي أيلول/سبتمبر 2023، أُثّر الحرّ الشديد على بداية السنة التعليمية في البلد.
وأعلنت خدمة الأرصاد الجوّية الفرنسية الإثنين أن ليلة الأحد ونهار الإثنين كانا الأشد حرارة خلال شهر حزيران/يونيو مع تسجيل 20,2 و28 درجة مئوية على التوالي في المتوسط في عموم البلاد.
ووضعت الخدمة 16 إقليما فرنسيا في حالة إنذار أحمر ليوم الثلاثاء، بما في ذلك باريس وضاحيتها، فيما لا يتوقع أن تنخفض الحرارة دون 20 إلى 24 درجة مئوية.
وهو أعلى مستوى من الإنذار الصحي في فرنسا (بعد الأصفر والبرتقالي) ويتيح للسلطات المطالبة بتقييد بعض الأنشطة. ويقَرّ في حالات القيظ الشديد التي تتميّز بمدّتها وشدّتها ونطاقها الجغرافي مع وتأثيرها على صحّة المواطنين.
وأعلنت حال الإنذار البرتقالي في 68 إقليما فرنسيا من أصل 101. ودُعيت الشركات إلى “حماية موظّفيها”. وأعلنت مئتا مدرسة رسمية تقريبا (من أصل 45 ألفا) عن إغلاق جزئي أو تام الإثنين أو الثلاثاء أو الأربعاء.
وخلافا لفرنسا، انتهى العام الدراسي في إسبانيا والبرتغال حيث تتمتّع أغلبية المواصلات في المدن الكبيرة بمكيّفات هواء.
وطالت موجة الحرّ بريطانيا أيضا حيث أعلنت السلطات حالة الإنذار البرتقالي في خمس مناطق في إنكلترا، بما فيها لندن.
بورز-تشس/غد-م ن/ص ك
Agence France-Presse ©