أكدت بطريركية اللاتين في القدس الخميس مقتل ثلاثة اشخاص في ضربة إسرائيلية طالت كنيسة العائلة المقدسة في مدينة غزة في حين قالت إسرائيل إنها “لا تستهدف” الكنائس أو المواقع الدينية وإنها تحقق في الحادث.
وأعرب البابا لاوون الرابع عشر عن “حزنه العميق” حيال الهجوم الذي طال الكنيسة، داعيا إلى “وقف فوري لإطلاق النار”.
وجاءت الضربة على الكنيسة في وقت أعلن الدفاع المدني الخميس مقتل 27 شخصا في ضربات متفرقة.
وقالت البطريركية في بيان “هذا الصباح، قرابة الساعة 10:20 صباحًا (07,20 بتوقيت غرينتش)، تم استهداف مجمع العائلة المقدسة في غزة … من قبل الجيش الإسرائيلي”.
وأظهرت صور وكالة فرانس برس مصابين يتلقون العلاج داخل خيام نصبت في ساحة المستشفى الأهلي المعمداني في مدينة غزة بينهم كاهن الرعية الأب جبرائيل رومانيللي الذي تم تضميد ساقه.
ووصل بعض الجرحى إلى المستشفى الاهلي محمولين على نقالات أحدهم موصول بجهاز أكسجين.
وقبل الإعلان عن مقتل والدته، قال شادي أبو داوود “في الصباح، أصابتنا قذيفة دبابة، علينا، على الكنيسة، واستشهد عدد من المدنيين”.
وبحسب أبو داوود فإن والدته (70 عاما) كانت “لديها إصابة خطيرة في الجمجمة”.
واضاف أبو داوود “عمل غير مبرر للاحتلال الإسرائيلي، استهداف المدنيين الآمنين، نحن نازحون في الكنيسة عددنا تقريبا 400 شخص، هذا عمل همجي”.
لاحقا، أكدت بطريركية اللاتين في القدس مقتل نجوى أبو داوود. وكانت البطريركية أعلنت مقتل كل من “فومية عيسى لطيف عياد، وسعد عيسى قسطندي سلامة”.
وفي إحدى زوايا المستشفى الأهلي، سجي جثمانا عياد وسلامة على الأرض بعد أن تم تكفينهما بالأبيض الذي خط عليه اسماهما، بينما كان عدد من أقربائهما يجثون ليودعوهما.
وقال الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا بطريرك اللاتين في القدس لوكالة أنباء الفاتيكان “ما نعرفه بالتأكيد هو أن دبابة، كما قال الجيش الإسرائيلي عن طريق الخطأ، ولكننا غير متأكدين من ذلك، استهدفت الكنيسة بشكل مباشر”.
وكانت البطريركية، التي تشمل ولايتها الكاثوليك في إسرائيل والأراضي الفلسطينية والأردن وقبرص، دانت في وقت سابق الضربة مؤكدة أن الهجوم “دمّر أجزاءً كبيرة من المجمع”.
وأضافت في بيان “استهداف موقع مقدّس يضم حاليًا نحو 600 نازح، معظمهم من الأطفال، و54 من ذوي الاحتياجات الخاصة، هو انتهاك صارخ لكرامة الإنسان، وخرق فاضح لقدسية الحياة، ولحرمة الأماكن الدينية التي يُفترض أن تكون ملاذًا آمنًا في أوقات الحرب”.
– “غير مقبولة” –
وأعربت إسرائيل عن “أسفها العميق” للأضرار التي لحقت بالكنيسة ولأي إصابات بين المدنيين” مشيرة إلى ان الجيش يحقق في الحادث.
وأكدت وزارة الخارجية عبر منصة إكس أن إسرائيل “لا تستهدف الكنائس أو المواقع الدينية، وأنها تأسف لأي ضرر لحق بموقع ديني أو للمدنيين غير متورطين”.
وفي روما قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني إن “الضربات الإسرائيلية على غزة أصابت أيضا كنيسة العائلة المقدسة”، منددة بالهجمات “غير المقبولة” على السكان المدنيين.
وأضافت ميلوني “لا يمكن لأي عمل عسكري تبرير مثل هذا السلوك”.
وكتب وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو على منصة اكس أن فرنسا تدين القصف “غير المقبول” الذي طاول كنيسة العائلة المقدسة الكاثوليكية في غزة، و”الموضوعة تحت حماية فرنسا التاريخية”.
ويعيش في قطاع نحو 2,4 مليون نسمة، بينهم 135 كاثوليكيا من أصل 1000 مسيحي.
ومثل مجمع الكنيسة منذ الأيام الاولى للحرب التي اندلعت في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، ملجأ للمسيحيين الكاثوليك وكذلك الأرثوذكس.
ولطالما دعا البابا الراحل فرنسيس إلى وقف الحرب.
وفي أيار/مايو الماضي، وقبل وفاته بيوم دان في عظة عيد الفصح “الوضع الإنساني المؤسف” في قطاع غزة واعتبره “غير مقبول أبدا”.
ودان وزير خارجية إيطاليا أنطونيو تاياني أيضا ما وصفه بأنه “عمل خطير ضد مكان عبادة مسيحي”.
وقال في منشور على منصة إكس “أعبر عن تعازي الحارة للأب رومانيللي الذي أصيب بالغارة”.
– “إلى أين سنذهب؟” –
أحصى الدفاع المدني في قطاع غزة مقتل طفل رضيع “نتيجة سوء التغذية”، فيما قتل شخص آخر من منتظري المساعدات في شارع الرشيد شمال غرب قطاع غزة.
وأشار المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل إلى مقتل ثمانية آخرين في “قصف مسيرات إسرائيلية لعناصر تأمين المساعدات في منطقة التوام شمال قطاع غزة”.
وعند الفجر، قتل أربعة أشخاص “جراء غارة إسرائيلية على مدرسة أبو حلو للنازحين بمخيم البريج وسط قطاع غزة”، فيما قتل ثلاثة آخرون في حي الزيتون “باستهداف طائرات الاحتلال شقة سكنية فرب مدرسة الإمام الشافعي”.
وقال الدفاع المدني أيضا إن طواقمه نقلت “شهيدين وإصابة باستهداف طائرات الاحتلال لمجموعة من المواطنين بالقرب من برج الاندلس بمنطقة الكرامة شمال قطاع غزة”، إضافة إلى “شهيدة طفلة بنيران مسيرة إسرائيلية على منطقة أصداء شمال غرب مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة”.
وفي ساحة مدرسة أبو حلو في مخيم البريج التي توسطتها خيام النازحين، كان الأهالي يتفقدون مقتنياتهم التي أحرقت وتبعثرت بشكل كبير جراء الضربة.
ومن بين هؤلاء أم سامر فراج التي بدت منهكة.
وقالت “نحن شعب أعزل، نازحون من بيوتنا، هاربون من الحرب، بيوتنا دُمرت، كانت المدارس المكان الآمن بالنسبة لنا”.
وتساءلت “إلى أين سنذهب؟ مستهدفون ونحن نجلس في المدرسة، ومستهدفون أيضا ونحن نسير في الشارع”.
وفي شمال قطاع غزة وتحديدا في جباليا البلد، سقط قتيلان في “قصف إسرائيلي” فيما قتل اثنان آخران في حي التفاح في قصف آخر وفق بصل.
اندلعت الحرب في غزة بعد هجوم مباغت شنته حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل 1219 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفقا لتعداد وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية.
وتردّ إسرائيل منذ ذلك الوقت بحرب مدمّرة قتل فيها 58667 فلسطينيا في قطاع غزة غالبيتهم مدنيون، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة التي تديرها حماس، وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
ولا يمكن لوكالة فرنس برس التثبت بصورة مستقلة من معلومات الطرفين في ظل القيود الإسرائيلية المفروضة على الإعلام في غزة، وصعوبة الوصول إلى المواقع في القطاع.
ها/ب ق
Agence France-Presse ©