أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالمستوى “غير المسبوق” الذي بلغته العلاقات بين بلاده والصين، وذلك خلال لقائه نظيره شي جينبينغ في بكين التي وصلها الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون الثلاثاء.
ويأتي ذلك عشية عرض عسكري ضخم تقيمه بكين في الذكرى الثمانين لاستسلام اليابان في الحرب العالمية الثانية، سيعكس تنامي قدراتها العسكرية، دعي لحضوره أكثر من عشرين من قادة الدول.
وعقد اللقاء بين شي وبوتين عقب استضافة مدينة تيانجين الصينية قمة لمنظمة شنغهاي للتعاون، وجّه خلالها الرئيسان انتقادات لاذعة إلى الغرب.
وقال بوتين لنظيره الصيني مع بدء المباحثات الثلاثاء “يعكس تواصلنا الوثيق الطبيعة الاستراتيجية للعلاقات الروسية الصينية التي بلغت حاليا مستوى غير مسبوق”.
وأضاف “لقد كنا سويا على الدوام، ونحن سويا الآن”، في إشارة ضمنية إلى التقارب الذي شهدته العلاقات بين البلدين منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في مطلع العام 2022.
والتقى شي وبوتين الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في وقت تواجه طهران احتمال إعادة فرض عقوبات أوروبية عليها على خلفية برنامجها النووي.
وقال شي لبزشكيان إن الصين تعارض “استخدام القوة لحل الخلافات” لكنه أكد “دعمها لإيران في صون السيادة الوطنية”.
وشكّلت الصين في الأيام الماضية محور محطات دبلوماسية أبرزها قمة منظمة شنغهاي التي ترى فيها بكين نموذجا جديدا للعلاقات الدولية بدل النظام الذي تهيمن عليه الدول الغربية.
وتستضيف الصين الأربعاء عرضا ضخما في ذكرى نهاية الحرب العالمية الثانية بحضور دولي واسع، يتوقع أن تكشف خلاله مجموعة من الأسلحة الجديدة، في استعراض للقوة يُنظر إليه على أنه تحد لهيمنة الولايات المتحدة العسكرية.
ومن المتوقع أن يلتقي كيم خلال مراسم وأنشطة إحياء الذكرى بقادة عالميين آخرين، إضافة إلى إجراء محادثات مع شي وبوتين، وفقا لما صرّح به لي سيونغ كويون، عضو البرلمان الكوري الجنوبي نقلا عن وكالة الاستخبارات في سيول، للصحافيين.
كما التقى بوتين رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو الثلاثاء، مشيدا بـ”السياسة الخارجية المستقلة” لبلاده.
وأثار فيكو امتعاض قادة الاتحاد الأوروبي لانتقاده دعم التكتل لأوكرانيا في مواجهة موسكو، ورفض خفض واردات بلاده من مصادر الطاقة الروسية.
– وضع دولي مضطرب –
وعززت السلطات الإجراءات الأمنية في بكين بشكل كبير، حيث انتشر جنود عند الجسور والتقاطعات، بينما وضعت حواجز حديد على امتداد جادات وطرق رئيسية، وتمّ قطع شوارع أمام حركة المرور.
وكان الرئيسان شي وبوتين وجّها انتقادات حادة للغرب خلال افتتاح قمة منظمة شنغهاي للتعاون الاثنين.
وانتقد شي “السلوك المتغطرس” لبعض الدول، في إشارة ضمنية إلى الولايات المتحدة، بينما دافع بوتين عن غزو أوكرانيا محملا الروسي على أوكرانيا محملا الغرب مسؤولية إشعال فتيل الحرب التي أودت بعشرات الآلاف.
وقال الرئيس الصيني لضيفه إن العلاقات بين البلدين “صمدت في وجه التغيرات الدولية”، مؤكدا استعداد بكين للعمل مع موسكو “للدفع نحو إقامة نظام حوكمة دولية أكثر عدلا وإنصافا”.
وشهدت العلاقات بين بكين وموسكو تقاربا منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا.
وزار شي روسيا في أيار/مايو الماضي لحضور احتفالات النصر على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية.
وأعلنت موسكو وبكين عن “شراكة بلا حدود” قبيل إصدار بوتين أمرا بشن الهجوم على أوكرانيا في شباط/فبراير 2022.
ويشتبه حلفاء غربيون لكييف في أن بكين تدعم موسكو في النزاع، وينتقدونها لعدم إدانتها الغزو. في المقابل، تؤكد الصين اعتمادها الحياد، متهمة الدول الغربية بإطالة أمد النزاع عبر تسليح أوكرانيا.
وأفاد الإعلام الرسمي الروسي الثلاثاء بأن مجموعة “غازبروم” العملاقة في مجال الطاقة، أبرمت اتفاقا مع شركة النفط الوطنية الصينية لزيادة واردات بكين من الغاز الروسي بنحو 15 في المئة.
وبات التواصل بين الرئيسين الصيني والروسي شبه دوري في الفترة الماضية. وأشاد شي جينبينغ خلال اتصال مع بوتين الشهر الماضي، بعمل موسكو وواشنطن على تحسين العلاقات بينهما، عقب القمة التي جمعت بوتين ونظيره الأميركي دونالد ترامب في منتصف آب/أغسطس.
ولم تُندد الصين على الإطلاق بحرب روسيا في أوكرانيا ولم تدعها إلى سحب قواتها، ويعتقد العديد من حلفاء أوكرانيا أن بكين قدمت الدعم لموسكو.
وتشدد بكين على أنها طرف محايد وكثيرا ما تدعو إلى إنهاء القتال بينما تتهم الدول الغربية بإطالة أمد الحرب عبر تسليح أوكرانيا.
ومن جانبها تدعم كوريا الشمالية موسكو بقوة، وأرسلت قوات لدعمها في الحرب في أوكرانيا.
وفي سيول، تظهر تقديرات استخبارية أن كوريا الشمالية خسرت نحو ألفي جندي من الذين قاتلوا إلى جانب القوات الروسية ضد أوكرانيا.
بور-تجس/كام-غد/لين
Agence France-Presse ©