اعتبر الموفد الأميركي توم باراك من بيروت أن الحكومة اللبنانية قامت بـ”الخطوة الأولى” عبر إقرارها نزع سلاح حزب الله قبل نهاية العام، ويتعين على إسرائيل حاليا القيام بخطوة موازية في إطار تطبيق وقف إطلاق النار.
وأنهى الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه بوساطة أميركية في تشرين الثاني/نوفمبر، حربا مدمرة بين الدولة العبرية والحزب استمرت لأكثر من عام. ومما نصّ عليه، حصر السلاح بيد القوى الشرعية اللبنانية وانسحاب إسرائيل من نقاط توغلت إليها خلال النزاع. الا ان الدولة العبرية أبقت قواتها في خمس مرتفعات استراتيجية، وتواصل شنّ ضربات بشكل شبه يومي.
وزيارة باراك هي الأولى بعد التزام السلطات تجريد حزب الله من سلاحه قبل نهاية العام، على وقع ضغوط أميركية، وتخوّف من أن تنفّذ إسرائيل تهديدات بحملة عسكرية جديدة ما لم يتم نزع سلاح الحزب المدعوم من إيران.
وعقب لقائه رئيس الجمهورية جوزاف عون برفقة نائبة المبعوث الاميركي للشرق الأوسط مورغان اورتاغوس، قال باراك “هناك دوما نهج خطوة بخطوة، لكنني أعتقد أن الحكومة اللبنانية قامت بدورها. لقد خطت الخطوة الأولى”.
أضاف “ما نحتاجه الآن هو أن تلتزم اسرائيل بخطوة موازية”.
وردا على سؤال حول إمكانية انسحاب اسرائيل ووقفها خرق وقف إطلاق النار في المرحلة المقبلة، أجاب باراك “هذه هي الخطوة التالية بالضبط”.
وأوضح “ما كنا نفعله، قبل كل شيء، هو البحث مع الحكومة اللبنانية أولا في موقفها، ونحن حاليا في طور البحث مع إسرائيل في ما سيكون موقفها”.
وكلفت الحكومة اللبنانية قبل أسبوعين الجيش وضع خطة لنزع سلاح حزب الله قبل نهاية الشهر الحالي، على أن يتم تطبيقها قبل نهاية العام، في خطوة أكد حزب الله رفضها بالمطلق.
ووافقت الحكومة كذلك على أهداف وردت في ورقة أميركية، كان باراك حملها الى المسؤولين في وقت سابق.
– ضمانات –
وتشمل الورقة تفاصيل حول جدول وآلية نزع الترسانة العسكرية، بدءا بوقف تحركات الحزب ونقل سلاحه على الأرض، وصولا إلى انتشار القوات المسلحة اللبنانية على مراحل في كل مناطق سيطرته، وتعزيز مراقبة الحدود.
وتنصّ كذلك على انسحاب إسرائيل من النقاط الخمس. وتلحظ مرحلة لاحقة لترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل وبين لبنان وسوريا، ثم مرحلة تثبيت كل ذلك بمسار دبلوماسي لإعادة إعمار لبنان.
وتشير الورقة كذلك إلى ضمانات أميركية وفرنسية في حال تمّ تنفيذ المطلوب من لبنان.
وقالت الرئاسة اللبنانية إن عون أبلغ باراك إن “المطلوب الان من الأطراف الأخرى الالتزام بمضمون ورقة الإعلان المشتركة.. والمزيد من الدعم للجيش اللبناني وتسريع الخطوات المطلوبة دوليا لإطلاق ورشة إعادة الاعمار”.
وقال الموفد الأميركي للصحافيين “سترون خلال الأسابيع المقبلة تقدما على جميع الجهات (…)، وهذا يعني حياة أفضل للشعوب، حياة أفضل لجيراننا، وعلى الأقل بداية الطريق الى نمط مختلف من الحوار مع كافة جيراننا”.
وعن رفض حزب الله نزع سلاحه، جدد باراك الإشارة الى أن التعامل مع الحزب هو “عملية لبنانية”.
وأكد الحزب مرارا رفضه تسليم السلاح بعد قرار الحكومة.
واتهمها أمينه العام نعيم قاسم الأسبوع الماضي بـ”تنفيذ الأمر الأميركي الإسرائيلي” بشأن سلاحه، ولو أدى ذلك “إلى حرب أهلية وفتنة داخلية”.
إلا أن عون أكد الأحد في مقابلة مع قناة العربية السعودية أن السلطات ستعمل “قدر المستطاع وأكثر لتجنيب لبنان أي خضات داخلية أو خارجية”.
وأوضح أن بيروت كانت “أمام خيارين”، إما قبول الورقة (الأميركية) والدفع نحو “موافقة إسرائيل عليها”، وإما رفضها “وعندها سترفع إسرائيل وتيرة اعتداءاتها، وسيصبح لبنان معزولا اقتصاديا، ولا احد منا بامكانه الرد على الاعتداءات”.
– “في الاتجاه الصحيح” –
والتقى باراك كذلك في بيروت رئيس الحكومة نواف سلام ورئيس البرلمان نبيه بري، حليف حزب الله.
وقال في تصريح مقتضب عقب لقاء بري “نتحرك جميعا في الاتجاه الصحيح”.
وسأل بري، وفق بيان عن مكتبه، باراك عن التزام إسرائيل بالاتفاق وانسحابها من الأراضي اللبنانية، معتبرا ان ذلك “مدخل الاستقرار” في البلاد.
وشدد سلام من جهته “وجوب قيام الجانب الأميركي بمسؤوليته في الضغط على اسرائيل لوقف الأعمال العدائية، والانسحاب من النقاط الخمس، والإفراج عن الأسرى”.
حتى الأمس القريب، شكّل حزب الله القوة السياسية والعسكرية الأكثر نفوذا في لبنان وحظي بدعم رئيسي من دمشق وطهران.
لكنّ الوضع تغيّر عند تشكيل السلطة الحالية في مطلع العام الحالي، على وقع تغير موازين القوى. فقد خرج الحزب ضعيفا من حربه الأخيرة مع اسرائيل، مع خسارته أبرز قادته وتدمير جزء كبير من ترسانته.
وفي نهاية العام 2024، سقط في سوريا حكم بشار الأسد الذي كان من الداعمين الأساسيين للحزب. وفي حزيران/يونيو الماضي، تلقت طهران ضربة موجعة إثر حرب مع إسرائيل استمرّت 12 يوما.
ويكرر حزب الله رفضه النقاش في مصير سلاحه، طالما استمر “العدوان” على لبنان، في إشارة الى مواصلة إسرائيل شنّ ضربات وإبقاء قواتها في النقاط الخمس واحتفاظها بعدد من الأسرى اللبنانيين. ويتهم الحزب اسرائيل بخرق اتفاق وقف إطلاق النار وإعاقة بدء عمليات إعادة إعمار المناطق الحدودية المدمرة الخالية من سكانها.
وتقول إسرائيل من جهتها إنها تستهدف عناصر وبنى تحتية تابعة للحزب، الذي تتهمه بدورها بخرق الاتفاق ومحاولة ترميم قدراته العسكرية.
وتوعّدت اسرائيل سابقا بتوسيع نطاق عملياتها العسكرية في لبنان ما لم تنزع السلطات سلاح الحزب.
جوص-لار/كام
Agence France-Presse ©