تساهم الضغوط القضائية المتزايدة على حزب الشعب الجمهوري في تعزيز القاعدة الشعبية لهذا الحزب المعارض الأبرز في تركيا الذي قد يشهد إقالة قيادته الاثنين، على ما يؤكد زعماؤه الذين يرفضون الاستسلام بمواجهة الحكومة.
منذ النكسة التي مُني بها المعسكر الحكومي في الانتخابات المحلية في آذار/مارس 2024، تصاعد القمع ضد حزب الشعب الجمهوري (الاشتراكي الديموقراطي) الذي هيمن على نتائج الانتخابات.
في الأشهر الأخيرة، اعتُقل عدد كبير من المسؤولين المنتخبين بتهمة “الإرهاب” أو “الفساد”، بمن فيهم رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو الذي يحظى بشعبية واسعة والمسجون منذ آذار/مارس.
في الأسبوع الماضي، أُقيلت القيادة الإقليمية لحزب الشعب الجمهوري في إسطنبول أيضا بدعوى وجود مخالفات في المؤتمر الحزبي عام 2023.
ومن المتوقع أن تصدر محكمة في أنقرة حكمها الاثنين في مزاعم مماثلة بشأن مؤتمر وطني عُقد في العام نفسه، ما أثار مخاوف بين مؤيدي حزب الشعب الجمهوري من استبدال أوزغور أوزيل، الزعيم المنتخب للحزب في المؤتمر، بشخص آخر يكلفه القضاء مهام الإدارة.
– “أفضّل أن أدفن نفسي” –
منذ اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، وهو شخصية بارزة في حزب الشعب الجمهوري، نجح أوزيل في استقطاب الجماهير، وأثار غضب السلطات بتنظيمه مسيرات أسبوعية، حتى في المدن التي لطالما اعتُبرت معاقل للرئيس رجب طيب إردوغان.
وقال أوزيل الأربعاء في تجمع حاشد بإسطنبول “لا يريدوننا أن نقاوم في الشوارع (…) حزب الشعب الجمهوري ليس ولن يكون حزب معارضة في خدمة جلالة الملك”، في إشارة إلى الرئيس التركي.
وكان قد صرّح الأسبوع الماضي “أفضّل أن أدفن نفسي في التراب على أن أكون زعيم معارضة يرضي إردوغان”.
ويلفت المحلل السياسي بيرك إيسن إلى أنه في حال إقالة أوزيل لتعيين مدير للحزب في مكانه، “قد ترفض القيادة الحالية لحزب الشعب الجمهوري التخلي عن مقر الحزب. وقد ينشأ سيناريو مثير للاهتمام يصبح فيه لحزب الشعب الجمهوري رأسان”.
وتحسّبا لهذه السيناريوهات، دعا أكثر من 900 مندوب من حزب الشعب الجمهوري إلى عقد مؤتمر حزبي استثنائي في 21 أيلول/سبتمبر، حيث يحظى أوزغور أوزيل بفرصة كبيرة لإعادة انتخابه.
– “نظام على النمط الروسي” –
رغم احتمال تعيين القضاء زعيم حزب الشعب الجمهوري السابق كمال كليجدار أوغلو على رأس الحزب، فإن نائب رئيس الحزب مراد باكان يستبعد أي انقسام في صفوفه.
ويؤكد باكان أنه “مع وصول أوزغور أوزيل، نما الحزب وتوسعت قاعدته الانتخابية، وكذلك عدد أعضائه”.
ووفقا له، كان للضغط القضائي الذي يستهدف حزب الشعب الجمهوري أثر عكسي في “توحيد قاعدته الانتخابية”. ويؤكد أن “شعور الناخبين بالوحدة والتضامن تعزز”.
ويضيف باكان “إذا استنفدت الحكومة كل السبل، يمكننا دعوة الناخبين للنزول إلى الشوارع وتطوير أساليب احتجاج بديلة”، معتبرا أن الحكومة “تسعى إلى إيجاد معارضة شكلية (…) كما الحال في روسيا أو بيلاروس”.
ويرى بيرك إيسن أن “بعض المعارضين يعتقدون أن نظاما على النمط الروسي قد تبلور، ويقولون إن إردوغان سيبقى في السلطة حتى وفاته”.
ويضيف “إنهم يعتقدون أنه لا بد من إيجاد طريقة للتوصل إلى اتفاق معه. وهذا الخطر الأكبر”.
ويحذر الخبير الاقتصادي يعقوب كوشوكاله من أن “الاقتصاد التركي يعتمد بشكل كبير على دعم المستثمرين الأجانب. في حال حدوث فوضى سياسية، سيسعى هؤلاء المستثمرون إلى الفرار من البلاد، ما قد يؤدي إلى انهيار بورصة إسطنبول والليرة التركية”.
من جهته، يقول أحمد أوزر وهو متقاعد من أنقرة “إنهم ينتهكون كل شيء للحفاظ على سلطتهم. القوانين والديموقراطية والاقتصاد وكل شيء”.
ويضيف “لكنهم سيكتشفون أن إرادة الشعب أعظم منهم. كلما ازداد ضغطهم، ازداد إصراري على دعم حزب الشعب الجمهوري”، لافتا إلى أنه سيحضر تجمعا للحزب مقررا الأحد في أنقرة.
بغ/جك/الح
Agence France-Presse ©