أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان الثلاثاء بمقتل 21 مدنيا درزيا في عمليات “إعدام ميدانية” اتّهم قوات الأمن السورية بتنفيذها بعد انتشارها في مدينة السويداء جنوبي سوريا حيث تحدث سكان عن ترهيب وأعمال انتقامية.
ودخلت قوات السلطات الانتقالية السورية المدينة الواقعة في جنوب البلاد صباح الثلاثاء، وأعلنت وقف إطلاق النار فيها، وذلك بعد مقتل أكثر من مئة شخص في اشتباكات عنيفة بين مسلحين من الدروز وآخرين من البدو اندلعت في المحافظة الأحد، في حين أكد سكان حدوث عمليات قتل وحرق ونهب للمنازل والمتاجر.
كما شنّ الطيران الإسرائيلي الثلاثاء غارات على القوّات الحكومية السورية بعيد دخولها مدينة السويداء التي قالت إسرائيل إنها تريد حماية الأقلية الدرزية فيها.
وقال المرصد إن 21 مدنيا درزيا “أعدموا ميدانيا برصاص عناصر وزارتي الدفاع والداخلية” بينهم 12 مدنيا دزريا “عقب اقتحام مضافة آل رضوان في مدينة السويداء”.
وأظهر مقطع مصوّر انتشر على منصات التواصل الاجتماعي عشرة أشخاص على الأقل يرتدون ملابس مدنية مضرجين بالدماء داخل المضافة، طرح بعضهم أرضا وآخرون على أرائك، وبجانبهم صور لمشايخ دروز ملقاة على الأرض وأثاث مخرّب ومبعثر.
وأفاد المرصد كذلك بإقدام مجموعة مسلحة قال إنها تابعة للقوات الحكومية على إعدام “4 مدنيين دروزا بينهم امرأة في مضافة آل مظلومة بقرية الثعلة” في ريف السويداء.
وأفاد مراسل لوكالة فرانس برس دخل المدينة بعد وصول القوات السورية، بأنه شاهد جثثا ملقاة على الأرض، بينما كانت أصوات إطلاق النار تتردد بشكل متقطع في شوارع المدينة الخالية.
– “أعمال وحشية” –
وقال أحد سكان السويداء لوكالة فرانس برس عبر الهاتف، طالبا عدم الكشف عن اسمه “أنا في وسط السويداء، أصوات إطلاق النار والاشتباكات مستمرة”.
وقال رئيس تحرير منصة السويداء 24 المحلية ريان معروف، لوكالة فرانس برس “دخلت القوات الحكومية المدينة بحجة إعادة الأمن لكنها للأسف مارست أعمالا وحشية”.
من جانبه، كتب المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك على منصة إكس “نحن منخرطون بشكل فعّال مع جميع المكوّنات في سوريا بهدف التوجّه نحو التهدئة”، مضيفا “الاشتباكات الأخيرة في السويداء مقلقة لجميع الأطراف، ونحن نحاول الوصول إلى نتيجة سلمية وشاملة للدروز، والقبائل البدوية، والحكومة السورية، والقوات الإسرائيلية”.
وأعادت الاشتباكات الى الواجهة التحديات الأمنية التي تواجهها السلطات الانتقالية بقيادة أحمد الشرع منذ وصولها إلى الحكم بعد إطاحة بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر بعد حرب استمرت 14 عاما.
ويقدّر تعداد الدروز في سوريا بنحو 700 ألف يعيش معظمهم في جنوب البلاد في محافظة السويداء خصوصا، كما أنهم موجودون في مدينتي جرمانا وصحنايا قرب دمشق، ولهم حضور محدود في إدلب، في شمال غرب البلاد.
وسبق لإسرائيل التي تعهدت حماية الأقلية الدرزية أن حذّرت السلطات الانتقالية من أنها لن تسمح بوجود قواتها في جنوب سوريا على مقربة من هضبة الجولان التي تحتل الدولة العبرية أجزاء واسعة منها منذ العام 1967.
وقال رئيس الوزراء الأسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس في بيان مشترك إنهما أوعزا “بتوجيه ضربة فورية لقوات النظام والأسلحة التي أُدخلت إلى منطقة السويداء في جبل الدروز” وأكدا أن إسرائيل تريد ضمان بقاء المنطقة المجاورة لها منزوعة السلاح.
– ارتباك وغموض –
وبعد يومين من المعارك شهدتها محافظة السويداء بين مسلحين من البدو وآخرين من الدروز، أعلنت القوات الحكومية الإثنين تدخّلها في المحافظة لفضّ الاشتباكات، لكن بحسب المرصد وشهود وفصائل درزية، فقد تدخلت هذه القوات إلى جانب البدو.
وعدا عن الـ21 شخصا الذين وثّق المرصد مقتلهم برصاص قوات الأمن، أعلن المرصد مقتل 71 درزيا، غالبيتهم مقاتلون إضافة إلى امرأتين وطفلين، مقابل 93 من القوات الحكومية، و18 من البدو.
وبعد يومين من القتال العنيف الذي اندلع الأحد، بدا الغموض سيد الموقف.
فعلى الرغم من إعلان وزير الدفاع مرهف أبو قصرة وقفا تاما لإطلاق النار في المدينة قال إنه تم التوصل إليه بالاتفاق مع وجهائها من رجال الدين الدروز، دارت اشتباكات بعد دخول قوات الأمن المدينة صباح الثلاثاء مع مقاتلين من الدروز.
ومساء الثلاثاء أعلنت وزارة الداخلية السوية في بيان أن الاشتباكات “لا تزال مستمرة في بعض أحياء” السويداء، لافتة إلى أن تفاهمات كان تم التوصل إليها مع رجال دين ووجهاء في المدينة “سرعان ما تعرضت للخرق”.
ومنذ إطاحة بشار الأسد في أواخر العام الماضي، شكّلت الانتهاكات بحق أبناء الأقليات الدينية، بمن فيهم العلويون الذين ينتمي إليهم الرئيس المخلوع، إحدى أبرز التحديات للسلطات الجديدة التي تعهدت حماية أبناء مختلف مكونات المجتمع. وقتل أكثر من ألف شخص غالبيتهم العظمى من العلويين في أعمال عنف شهدتها منطقة الساحل في آذار/مارس.
بور-لو/ص ك-ود/بم
Agence France-Presse ©