شدّدت طهران الأربعاء على أنّ عودة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الى إيران لا تعني استئناف التعاون الكامل معها، وذلك بعد تأكيد مدير الوكالة أن فريقا من هؤلاء عاد إلى الجمهورية الإسلامية للمرة الأولى منذ نهاية الحرب بينها وبين إسرائيل.
وبدأ مفتشون من الوكالة الدولية للطاقة الذرية عملهم الأربعاء في موقع بوشهر، محطة الطاقة النووية الرئيسية في إيران، بحسب ما أعلن مدير الوكالة الدولية رافايل غروسي، وذلك للمرة الأولى منذ أن علقت طهران رسميا تعاونها مع الوكالة الشهر الماضي.
ونقل التلفزيون الرسمي عن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قوله “لم تتم حتى الآن الموافقة على النص النهائي للإطار الجديد للتعاون مع الوكالة الدولة للطاقة الذرية ويتمّ تبادل وجهات النظر”.
وعلّقت طهران تعاونها مع الوكالة التابعة للأمم المتحدة لعدم إدانتها الحرب غير المسبوقة التي شنّتها إسرائيل اعتبارا من 13 حزيران/يونيو. وقصفت إسرائيل منشآت نووية وعسكرية ومناطق سكنية ما أدى إلى مقتل أكثر من ألف شخص.
وتدخلت الولايات المتحدة في وقت لاحق في الحرب وقصفت ثلاث منشآت نووية في فوردو وأصفهان ونطنز.
وردّت إيران بقصف صاروخي وبالطيران المسير ما أدى إلى مقتل العشرات في إسرائيل. وتم التوصل إلى هدنة في 24 حزيران/يونيو.
وبموجب قانون تعليق التعاون، لا يمكن للمفتشين الوصول إلى المواقع النووية الإيرانية إلا بموافقة المجلس الأعلى للأمن القومي، أعلى هيئة أمنية في الجمهورية الإسلامية.
وتقول إيران إن التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية سيتخذ “شكلا جديدا”.
وقال المتحدث باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية بهروز كمالوندي إن مفتشي وكالة الطاقة الذرية سيشرفون على استبدال الوقود في محطة بوشهر النووية جنوب غرب إيران.
ولم يذكر ما إذا سيُسمح للمفتشين بالوصول إلى مواقع أخرى، بما فيها فوردو ونطنز، اللذان طالهما القصف خلال الحرب.
– “اختبار حاسم” –
وأكد غروسي الأربعاء خلال زيارة لواشنطن إجراء مباحثات بشأن تفتيش مواقع أخرى لكن دون التوصل لاتفاق بعد.
وقال “نواصل المحادثات كي نتمكن من التوجه إلى جميع الأماكن، من بينها منشآت تضررت… لا وجود لأعمال تفتيش انتقائية”.
وأتت تصريحات غروسي عقب مباحثات في جنيف عقدتها إيران ودول الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا). وهذه المباحثات هي الجولة الثانية منذ الهجمات الإسرائيلية.
ويهدد الأوروبيون بإعادة فرض عقوبات دولية على إيران قبل منتصف تشرين الأول/أكتوبر، وهو الموعد الذي يفترض أن تغلق فيه المهلة المتاحة أمامهم قبل رفع هذه العقوبات نهائيا.
ويمكن قبل انتهاء المهلة تفعيل ما يُسمى “آلية الزناد” التي نص عليها الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران والدول الغربية الكبرى، وإعادة فرض العقوبات على إيران في 18 تشرين الأول/أكتوبر.
وخلال اجتماعها السابق مع إيران في تموز/يوليو، اقترحت القوى الأوروبية الثلاث تمديد المهلة التي تتيح لها تفعيل تلك الآلية شرط أن تستأنف طهران المفاوضات مع الولايات المتحدة وتتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفقا لصحيفة فايننشال تايمز.
وشددت إيران على أنه لا يحق للأوروبيين تمديد المهلة وقالت إنها تتعاون مع حليفتيها الصين وروسيا لمنع إعادة فرض العقوبات.
وحذّرت طهران الأربعاء من أنّ تفعيل الدول الأوروبية عقوبات “آلية الزناد” قد يؤثّر سلبا على تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وقال نائب وزير الخارجية كاظم غريب آبادي في تصريحات للتلفزيون الرسمي إنّه “في حال الإقدام على هذه الخطوة، سيتأثّر بالكامل المسار التفاعلي الذي أطلقناه للتوّ مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وسيتوقّف على الأرجح”.
والثلاثاء، وزّعت روسيا مقترحا لمجلس الأمن الدولي يهدف إلى تمديد مهلة تفعيل “آلية الزناد” ستة أشهر حتى 18 نيسان/أبريل 2026، ولكن بدون شروط مسبقة على إيران، وفق مسودة قرار اطلعت عليها وكالة فرانس برس.
وقال نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي إن “النسخة الثانية” من المقترح صيغت “لإتاحة مجال أكبر للدبلوماسية” مبديا أمله في أن “تكون مقبولة”.
وأوضح لوسائل إعلام إن المقترح “سيكون بمثابة اختبار حاسم لمعرفة من يريد فعلا دعم الجهود الدبلوماسية، ومن لا يرغب بأي حل دبلوماسي، وإنما يسعى فقط لتحقيق أجنداته القومية والأنانية ضد إيران”.
وتتهم الدول الغربية وإسرائيل طهران بالسعي لامتلاك قنبلة ذرية، وهو ما تنفيه إيران مؤكدة حقها في مواصلة برنامجها النووي لأغراض مدنية.
بور-مز/غد-م ن/بم
Agence France-Presse ©