قصفت إسرائيل بشكل كثيف الخميس مدينة غزة حيث وسع لجيش هجومه البري ما يتسبب بموجات نزوح كبيرة نحو جنوب القطاع حيث قتل أربعة جنود.
كذلك، قتل عسكريان إسرائيليان عند معبر حدودي بين الأردن والضفة الغربية المحتلة عندما فتح مسلح أردني النار.
وفي مجلس الأمن، استخدمت واشنطن مجددا حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار لوقف إطلاق النار في غزة، دعما لموقف حليفتها الدولة العبرية.
ميدانيا، رأى مراسلو وكالة فرانس برس وشهود أعدادا كبيرة من الفلسطينيين تنزح إما سيرا وإما مستخدمة المركبات او العربات التي تجرّها الحمير، محملّة ما تيسّر من المتاع المتبقية.
وقالت آية أحمد (32 عاما) التي تعيش مع 13 شخصا من عائلتها في حيّ النصر في غرب مدينة غزة إن القصف متواصل بالمدفعية والمقاتلات، إضافة إلى إطلاق النار من طائرات مسيّرة.
وتابعت أحمد “أشعر أن قلبي يخرج من صدري مع كل انفجار… العالم لا يفهم ما يحدث، يريدون منا النزوح للجنوب. حسنا، لكن هل سنعيش في الشارع؟! الوضع يفتقر لكل مقومات الحياة وحتى مقومات النزوح”.
ويقول الفلسطينيون إن تكاليف الانتقال جنوبا ارتفعت بشكل هائل، لتتجاوز في بعض الحالات ألف دولار.
وقال شادي جواد البالغ 47 عاما وهو يصف معاناة عائلته وهم يفرون من منزلهم الأربعاء “الوضع لا يوصف حشود أينما كان ودوي انفجارات ونساء ورجال يصرخون وهم يمشون حاملين مقتنياتهم”.
وأضاف “أنظر إلى السماء وأقول +يا رب ارسل صاروخا يقضي علينا فنرتاح+”.
ويثير الهجوم تنديدا واسعا على الصعيد الدولي وخصوصا أن دمارا هائلا لحق بالقطاع بسبب الحرب المتواصلة منذ قرابة سنتين فيما منطقة مدينة غزة تعاني من المجاعة بحسب الأمم المتحدة.
– “لا تليق بالكرامة الإنسانية” –
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غبرييسوس الخميس إن “التوغل العسكري وأوامر الإخلاء في شمال غزة تؤدي إلى موجات جديدة من النزوح، وتدفع بالعائلات التي تعاني في الأساس من الصدمة النفسية باتّجاه منطقة تتقلّص أكثر فأكثر لا تليق بالكرامة الإنسانية”.
وحذر من أن “المستشفيات التي تعاني أساسا من الضغط، باتت على حافة الانهيار في وقت يعرقل تصاعد العنف الوصول ويمنع منظمة الصحة العالمية من إيصال معدات حيوية”.
وأفادت مستشفيات قطاع غزة بأن 33 شخصا على الأقل قُتلوا منذ منتصف ليل الخميس في غارات إسرائيلية على المدينة.
وتحول القيود المفروضة على وسائل الإعلام في غزة وصعوبة الوصول الى العديد من المناطق دون تمكّن فرانس برس من التحقّق بشكل مستقلّ من الأرقام والتفاصيل التي يعلنها الدفاع المدني أو الجيش الإسرائيلي.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه يستمر في استهداف “البنى التحتية الإرهابية لحماس” مع عمليات أيضا في رفح وخان يونس في جنوب قطاع غزة.
وتوعدت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس بقتال عنيف.
وقالت في بيان “نحن جاهزون لإرسال أرواح جنودكم لجهنم” مشددة على أنها أعدت “جيشا من الاستشهاديين”. وحذرت من ان غزة ستكون “مقبرة” للجنود الإسرائيليين.
وفي وقت لاحق، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل أربعة من جنوده في انفجار عبوة ناسفة في رفح في جنوب قطاع غزة.
من جهة أخرى أطلق أردني يقود شاحنة مساعدات إلى غزة النار فأردى عسكريين إسرائيليين عند معبر الكرامة بين الضفة الغربية المحتلة والأردن على ما أعلن البلدان.
واعتبرت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن ذلك “هو نتيجة إضافية للتحريض الدنيء في الأردن. هذه نتيجة لترداد حملة أكاذيب حماس”.
وطلب الجيش من الحكومة الإسرائيلية تعليق دخول المساعدات من الأردن الي ندد بالهجوم وأعلن فتح تحقيق.
وأتى التصعيد الكبير في غزة الثلاثاء فيما اتهمت لجنة تحقيق دولية مستقلة مكلفة من الأمم المتحدة في اليوم ذاته، إسرائيل بارتكاب “إبادة جماعية” خلال الحرب التي بدأت عقب هجوم حماس على الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
– “من قال إننا نريد أن نموت؟” –
وقدرت الأمم المتحدة في نهاية آب/أغسطس أن مليون شخص يقيمون في مدينة غزة ومحيطها فيما تؤكد إسرائيل أن 350 ألفا منهم غادروها.
وكان الجيش الإسرائيلي أعلن الاربعاء إقامة “مسار انتقال موقت” لخروج سكان غزة من المدينة سيتاح حتى ظهر الجمعة (09,00 ت غ).
وقال أحمد أبو وطفة (46 عام) وهو أب لسبعة أطفال يعيشون في خيمة غرب مدينة غزة، إن “الوضع لا يوصف، القصف حولنا، نتلو الشهادة مع كل انفجار، كأننا نهرب من موت إلى موت”.
أما محمد الدنف وهو من سكان مدينة غزة فقال “يكفي! يكفي! نحن نريد الحرية نحن أهالي غزة نريد ان نعيش لا نريد أن نموت من قال أننا نريد أن نموت؟”.
وإلى جانب الإدانات الدولية، أثار توسيع الهجوم الإسرائيلي تنديدا في إسرائيل حيث يقلق كثر على مصير الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة.
أسفر هجوم حماس على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 عن مقتل 1219 شخصا، معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد لفرانس برس استنادا للأرقام الرسمية.
وأودت الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة في غزة بما لا يقل عن 65141 فلسطينيا، معظمهم من المدنيين، وفقا لأرقام وزارة الصحة التابعة لحماس والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
وبموازاة التصعيد في غزة، أعلن الجيش الإسرائيلي الخميس اعتراض صاروخ أطلق من اليمن، بعدما أفادت الشرطة بأن مسيّرة أطلقت من الشرق أصابت مدينة إيلات في جنوب البلاد.
وفي جنوب لبنان، شن الجيش الإسرائيلي غارات على بلدات عدة ما أسفر عن سقوط جريح على ما أفادت وزارة الصحة اللبنانية. وأكد الجيش أنه استهدف مستودعات أسلحة لحزب الله.
بور-لمى/غ ر/كام
Agence France-Presse ©